بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثامن

(ليلى والمجنون بين الأدبين العربي والفارسي)

ليلى والمجنون في الأدب العربي

فعلى بركة الله نقول: مجنون ليلى هو حسب المتعارف قيس بن الملوح أحد شعراء العصر الأموي، وأخباره متاحة بوفرة في كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني، وبدرجة من التفصيل أقل في كتاب (الشعر والشعراء) لابن قتيبة وغيره، وهي أخبار متناثرة كديدن أمثالها من أخبار القدماء، وقد اختلف الناس حول وجوده، فمنهم من يثبته ومنهم من ينكره، ومن المنكرين المتشددين في الإنكار الدكتور: طه حسين على عادته في التسرع إلى إنكار بعض الشخصيات، أو الفنون الأدبية دون ترو أو دليل، ففي الجزء الأول من كتابه (حديث الأربعاء) نراه ينكر وجود المجنون مؤكدًا أنه اختراع خيالي من صنع الرواة والإخباريين؛ بُغية تسلية الناس، زاعمًا أن الذين يضيقون بإنكار وجود قيس بن الملوح، إنما يريدون أن يضيفوا إلى المجد العربي مجدًا، ويجعلوا من أمة العرب أشرف الأمم، ومن لغاتهم أحسن اللغات وأدبهم أروع الآداب.

وهو يقصد بذلك أن العرب قليلو المجد، وأن آدابهم لا تبلغ في روعتها آداب غيرها من الأمم. وهذا كلام ينقصه النضج والحصافة والجد، إذ ما علاقة إثبات الدارسين لوجود المجنون أو إنكارهم لهذا الوجود، ما علاقته بتشييد دعائم مجد العرب أو هدمها؟ وهل إثبات وجود هذه الشخصية هو الذي سوف يدعم مجد العرب، بحيث إذا جاء منكر كطه حسين مثلًا أو غيره، فأثبت أنها لم يكن لها وجود حقيقي انهدم ذلك المجد؟ ألا إن الأدب العربي لأدب تافه حقًّا، وفاشل حقًّا إذا كان كل مجده ينحصر في ذلك الأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015