الأدب المقارن في عصر العولمة تساؤلات باتجاه المستقبل بوجوب حل مشكلة التسارع في توسع الأدب المقارن من ناحية المقارنة المعرفية، مع مختلف العلوم والفنون إلى درجة اهتزاز بؤرة الارتكاز فيه، وصعوبة حصوله على الاعتراف الفكري، والقوة المؤسسية في الإطار المعرفي العام، وينتج عن ذلك عادة تقذير أقسام أو برامج الأدب المقارن مقابل ما تتمتع به الآداب القومية من قوة ومكانة.
هذا، وقد وقف الدكتور طاهر مكي بشيء من الأناة عند مصطلح القومية، الذي يدخل في تعريف الأدب المقارن في قولنا: إن الأدب المقارن يقوم على المقابلة بين الآداب القومية المختلفة محاولًا أن يستكشف أبعاد هذا المصطلح، وما يمكن أن يثيره من مشكلات، وأطال وأجاد لكنه في نهاية المطاف ترك الأمر دون حسم، لقد تساءل قائلًا: ماذا نفهم من مصطلح أدب قومي؟ ما الحدود التي إذا تعديناها جاز لنا أن نتحدث عن أدب أجنبي وعن تأثر به، أو تأثير فيه؟ هل يقوم التحديد على أسس سياسية وتاريخية؟ أو على أسس لُغوية خالصة؟ ليجيب: بأنه بعد تأمل جاد يمكن القول: إن الاحتمال الثاني أقرب قربًا، وأدق منهجيةً، وأسهل تطبيقًا؛ لأن الحدود اللغوية كانت على امتداد التاريخ أكثر ثباتًا، وأقل تقلبًا مدًّا وجذرًا من الحدود السياسية.
ثم ضرب مثالًا من ألمانيا التي كان كيانًا سياسيًّا واحدًا إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، ثم قسمت إلى دولتين بعدها، لكنهما ظلتَا مع هذا تتكلمان لغة واحدة، ومن ثم لا يمكن أن نقارن بين أدبهما بمفهوم الأدب المقارن.
إلا أنه برغم ذلك لم يتوقف عند هذه النتيجة، بل استمر يستعرض أوضاعًا أخرى تختلف عن وضع الألمانتين، منها مثلًا وضع الجزائريين الذين يكتبون أدبهم باللغة الفرنسية رغم أنهم ليسوا فرنسيين، ومنها وضع الهنود الذين