يكتبون أدبهم باللغة الإنجليزية رغم أنهم ليسوا إنجليزًا، ومنها وضع الأدباء الأمريكيين فهم يكتبون أدبهم بالإنجليزية رغم أنهم ليسوا إنجليزًا، وكذلك معظم أدباء أمريكا اللاتينية فهم يكتبون أدبهم باللغة الإسبانية رغم أنهم ليسوا إسبانًا.
ومنها أيضًا وضع الأدباء الكنديين الذين يستخدمون اللغة الإنجليزية، وهي ليست اللغة الوحيدة التي يتحدثها أو يكتب بها الكنديون، بل تشركها في ذلك اللغة الفرنسية، ومثلهم الأدباء السويسريون الذين لا يكتبون أدبهم بلغة واحدة بل بلغات ثلاث هي: الفرنسية والألمانية والإيطالية وهكذا.
وأشير هنا إلى أن عددًا من الباحثين الأمريكيين يرى أن الأدب الأمريكي والأدب الإنجليزي ليسَا أدبًا واحدًا، بل أدبين مختلفين؛ لأننا بصدد أمتين متباينتين ثقافيًّا ومن ثم أدبيًّا.
والدكتور طاهر مكي بهذا، وإن بدأ بجعل اللغة هي الفيصل في تحديد الهوية القومية، وهو ما قاله قبلًا الدكتور محمد غنيمي هلال الذي يؤكد: أن الحدود الأصيلة بين الآداب القومية هي اللغات، فالكاتب أو الشاعر إذا كتب بالعربية عَدَدْنَا أدبه عربيًّا مهما كان جنسه البشري، الذي انحدر منه وما زال يقول به كذلك المقارنون العرب عمومًا، كالدكتور محمد سعيد جمال الدين مثلًا، الذي يقرر ما قرره المرحوم هلال من أن الحدود الأصلية بين الآداب القومية هي اللغات، فالكاتب أو الشاعر إذا كتب بالعربية عددنا أدبه عربيًّا مهما كان جنسه البشري الذي انحدر منه؛ ولذلك يعد ما كتبه المؤلفون الفرس الذين دونوا مدوناتهم ومؤثراتهم باللغة العربية داخلًا في دائرة الأدب العربي لا الفارسي.
أقول: إن الدكتور الطاهر مكي بهذا قد عاد فتركنا في حيرة من أمرنا، بل ربما في عماية منه حين أثار المشكلات السالفة الذكر دون أن يجيب على الأسئلة الشائكة