جنان مصر لا جنان الروم ... ....................................

ثم شعور الناس جميعًا حتى خصومها بذلك البغض، وفي ذلك يقول حابي لزينون قبل أن ينزل عن رأيه فيها:

ولم يبق على الود لروما غير زينون ... .....................................

وإشباعًا لهذه العواطف جميعًا رسمت كليوباترا لنفسها ثلاث غايات:

الأولى: أن تستخلص الشرق لنفسها مستقلًّا عن كل نفوذ.

الثانية: أن تضعف قوى روما ما استطاعت مع المحافظة على قواها هي.

الثالثة: أن تعكس الآية السياسية الموجودة يومئذٍ؛ فتسود روما من خلال سيادة قيصر ضعيف تضمن أن يخضع لفتنة جمالها دائمًا، كما تضمن أن يخشى قوة بأسها ثانيًا، وكل هذه الشروط كانت تجتمع في أنطونيوس، وتحمل كليوباترا غايتها الأولى والثالثة في قولها لأنطونيوس:

أنت لروما في غد وقيصرون بعد غد ... وشرق سلطان الذي إكليله لي انعقد

ثم تبسط غايتها الثالثة، إذ تقول:

قلت: روما تصدعت فترى شطرًا ... من القوم في عداوة شطر

وتبينت أن روما إذا زالت ... عن البحر لم يسد فيه غيري

والوسيلة التي ظنتها كليوباترا كفيلة بتحقيق هذه الغايات أن تقف من القيصرين المتحاربين موقف الحياد، فقد كانت تؤمن بتكافؤ قواهما الحربية؛ لأنهما تقاسما الفلك والجيش، وبات كلاهما شطرًا من القوم في عداوة شطر.

وقد أثبت تداول النص بينهما قبل المعركة الفاصلة صدق هذا اليقين، وقدرت كليوباترا أن حيادها هذا يكفل لها الاحتفاظ بقواها في البر والبحر، بينما ينهك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015