النجوى بشيء من المبالغة والرياء، وخير أن نقصر هذا الاستشهاد على حديثها عنه في غيبته، إذ تقول: علم الله قد خذلت حبيبي، وإذ تقول في موقف آخر: هو أنطونيوس زخري وطريفي وتليدي، وعلى الوفاء له بعد موته وقد أسلفنا عليه الدليل، ومهما يكن من اتقاد هذه العاطفة في قلبها، فقد كانت هذه العاطفة لديها كما قلنا عاطفة ثانوية كلما تعارضت مع حبها لمصر.

ففي سبيل وطنها كانت مستعدة للتضحية بكل شيء، وكانت تعتقد حقيقةً أن المجد لا يسأل عن صاحبة ولا ولد، وكانت مخلصة حينما استنهضت حماسة أنطونيو بهذه الكلمة الجامعة عد ظافرًا أو لا تعد، وهي في استعدادها للتضحية بغرامها في سبيل سياسة بلادها، قولها عقب فرارها من أكتيوم:

علم الله قد خذلت حبيبي ... وأبا صبيتي وعوني وذخري

والذي ضيع العروش وضحى ... في سبيلي بألف قطر وقطر

موقف يعجب العلا كنت فيه ... بنت مصر وكنت ملكة مصر

الثالثة: بغضها لروما وإشفاقها من طغيان سلطانها المكين، ويبدو هذا البغض في عدة مواقع منها قولها: لا تسيروا على ولائم روما سرفًا في الفسوق واستهتارًا.

ومنها قول أحد القواد الرومان لزميل له: أتسمع ما تقول عدو روما، أتسمع ما تقول عدو روما؟ وقولها:

دعوا روما ولا تجروا لها ذكرًا ... .....................................

وقولها:

حبرا أعندك سحر يشل طاغوت روما ... ويجعل الناس فيها حجارة ورسوما

وقولها في موقف مفاضلة بين ألوان الشراب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015