والعجيب أنها لم تكن مصرية بل لم تكن شرقية البتة، إذ كانت من بلاد اليونان كما قلنا، فهي إذن أوربية صرفة، وكان ينبغي أن يضع هؤلاء المؤرخون هذا الأمر في حسبانهم، لكنهم إنما كانوا يريدون الزراية على الشرق، وكأنهم طوال تاريخهم ناس متحضرون وراقون، وكأن الشرق كان على الدوام متخلفًا منحطًّا، وذلك رغم أنهم إلى ما قبل عدة قرون فقط كانوا في غاية التخلف والتوحش والانحطاط، في الوقت الذي كنا فيه سادة لهم في مختلف مناحي الحضارة.

ولقد سماها أنطونيو بالمصرية، إذ قال: إن هذه المصرية القذرة قد خانتني " This Faull صلى الله عليه وسلمgyptian has رضي الله عنهetrayed me" لكن دون أن يدل هذا بالضرورة على أنها مصرية بالمعنى الذي قصده شوقي، إذ قد يكون كل المقصود هنا هو الإشارة إلى أنها تعيش في مصر، وتحكم المصريين لا أنها تنتمي إليهم، ولقد عرفنا شكسبير بها في بداية المسرحية فقال: ملكة مصر: " Cleopatra Queen of صلى الله عليه وسلمgypt" كما أنها هي أيضًا تسمي نفسها ملكة مصر: " صلى الله عليه وسلمgyptien Queen " وعلى نفس الشاكلة نسمع ألكسس يناديها بعاهلة مصر: Sov Of صلى الله عليه وسلمgypt وهذا كل ما نجده لدى شكسبير فيما يخص مسألة مصريتها أو عدمها.

ومع هذا، فإنه لمن الغريب في مسرحية الشاعر الإنجليزي أن كليوباترا التي قدمت لنا بوصفها امرأة لا تبالي بأية قيمة كريمة تؤثر أن تقتل نفسها على أن تستسلم لأوكتافيو؛ كي لا يذلها بعرضها أسيرة في موكبه الانتصاري في روما، ولكن أغرب منه كثيرًا أن يصورها شكسبير في موتها سعيدةً، رغم أنها ماتت في المسرحية بلدغة صل مصري، فهل يمكن أن يستعلي المنتحر بهذه السهولة على آلام السم البشعة، التي لا تحتمل ويميت ميتة نشوى، كما جاء في مسرحية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015