مهددًا ناقمًا: أوروس أنطونيو حسابكما غدًا، روما الأبية لم تنم عن ثأرها. وحيث نلمس مكمن الحيلة بين هذه النقمة وذلك الانتقام.

ولقد أشرنا من قبل إلى ما كتبه صاحب (النظرات التحليلية) الملحقة بمسرحية شوقي من أن الصورة السيئة، التي اشتهرت لكليوباترا سببها ما كتبه المؤلفون الرومان عنها بعد هزيمتها، وبالذات بلوتارك، ويا ويل التاريخ من أقلام المنتصرين. ومعروف أن شكسبير إنما اعتمد في صياغة مسرحيته على ما كتبه بلوتارك عن كليوباترا في كتابه Lies of the Rappel Grecian and Roman together Cumbered وهذا هو السبب في اختلاف النظرتين إلى تلك المرأة، فقد أراد شوقي أن يقدم للقراء والمشاهدين كليوباترا الأخرى، غير التي كتب عنها "بلوتارك" وأمثاله من المؤلفين الرومان، فرسم صورة ملكة مصرية تحب بلادها، وتعمل بكل سبيل لمصلحتها، وتضحي بنفسها في سبيل رفعتها، وهنا لا يستند في هذا الموقف إلى شيء سوى رغبته في تقديم صورة مغايرة للملكة البطليموسية، إذ ليس فيما بين أيدينا من الكتابات التاريخية ما يقول شيئًا من هذا، ولو على سبيل التلميح.

أما شكسبير فلم تشغله مسألة الدفاع عن كليوباترا على الإطلاق، بل رأيناه يرسم لها صورة امرأة غادرة لا تبالي بمبدأ أو تحترم قيمة، وقد علق الدكتور محمد غنيمي هلال على موقف كتاب الغرب الزاري على كليوباترا، عازيًا إياهم إلى أنهم كانوا يرون فيها صورة للعقلية الشرقية في نظرهم، في ميلها إلى لذة العيش ومتاعه، والانتصار بالخديعة لا الجهد، وسلوك سبل المكر والحيلة، وأنهم طالما هاجموا الشرق فيها وهاجموا مصر في القديم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015