ترى هل السبب في هذا يرجع إلى أن في عروق شوقي أيضًا شيئًا من الدم اليوناني، وأنه ليس مصريًّا بالجنس، بل بإقامة أسرته فيها زمنًا، مثلما هو الوضع في حالة كليوباترا؟ يقول كاتب النظرات التحليلية في نهاية المسرحية: ما فتئ المؤلف منذ مقطع الرواية إلى مقطعها يؤكد جنسية كليوباترا المصرية، وإن تحدرت من نبعة أجنبية، فقد كان الزمن الطويل الذي قضاه أجدادها في مصر، كما أسلفنا كافيًا لتمصيرها، وعبث أن نختار من الرواية قطعًا دون أخرى لإثبات هذه الجنسية، فالرواية كلها دليل متصل نسجل منه على سبيل المثال قولها:

أموت كما حييت لعرش مصر ... وأبذل دونه عرش الجمال

وقولها:

موقف يعجب العلا كنت فيه ... بنت مصر وكنت ملكة مصر

ثم قولًا آخر احتال فيه المؤلف على تبرير هذه الجنسية، متحاشيًا في هذا التبرير إلا مجرد التلميح من بعيد لدمها القديم، وذلك إذ يقول حابي لزنون:

أخي هذا أثيني ... وخلي ذاك مقدوني

كلا الخلين ذو جد ... بأرض النيل مدفون

فليس في هوى مصر ... وفي طاعتها دوني

وتصور الرواية كل بطل من نواح ثلاث يستحسن أن نبحثها منفصلةً، الأولى من حيث هي امرأة، والثانية من حيث هي ملكة، والثالثة من حيث هي شخص سياسي.

هذا ما قاله كاتب الملاحظات النقدية التي ألحقت بمسرحية (مصرع كليوباترا)، لكن كيف فات شوقي أن ثمة فرقًا هائلًا بين البطالمة، الذين اقتحموا مصر بالقوة الغشوم محتلين، وحكموها مستبدين ولثرواتها مستنزفين، ولشعبها قاهرين؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015