كيف فاته أن ثمة فرقًا هائلًا بينهم وبينه هو وأمثاله ممن أتوا إلى مصر بوصفهم أفرادًا، وامتزجوا بالمصريين امتزاجًا، وصاروا منهم بالطريق الطبيعي وبالرضا؟ ثم إن كليوباترا خاضت بركة من الدماء في سبيل التشبث بالسلطان، وقتلت أخاها وفرطت في عرضها واتبعت سبيل شهواتها، واستغلت جسدها من أجل الإيقاع بقادة روما في غرامها واحدًا وراء الآخر، غير عابئة بمبدأ أو قيمة، وما هكذا تخدم الأوطان، إن الأوطان إنما تخدم بالشرف والكرامة والعزة والعفة لا بإزالة العرض وابتذاله.

ثم إن البطالمة إنما كانوا يعملون على نشر الثقافة الإغريقية، ويقربون إليهم أبناء بلادهم الأصلية دون المصريين، وإلى القارئ ما كتبته "الموسوعة العربية العالمية" مثلًا في المادة الخاصة ببطليموس الأول مؤسس دولة البطالسة بمصر، أسس أسرة من الحكام الذين حكموا مصر بين عام ثلاثمائة وثلاثة وعشرين، وعام ثلاثين قبل الميلاد، وعرفت هذه الأسرة بالبطالسة، وقد حكم بطليموس الذي اتخذ لقب ملك مصر من سنة ثلاثمائة وخمس قبل الميلاد؛ حتى سنة مائتين وخمس وثمانين قبل الميلاد، وولد في مقدونيا وهي منطقة شمال اليونان، وصار قائدًا بارزًا في جيش الإسكندر الأكبر، وهو الملك المقدوني الذي أنشأ إمبراطورية ضمت مصر، وأغلب بلاد غرب آسيا وبعد موت الإسكندر عام ثلاثمائة وثلاثة وعشرين قبل الميلاد، استولى بطليموس على مصر، وبسط حكمه إلى جزيرة قبرص، وجنوب فلسطين وبرقة وهي مستعمرة إفريقية في شمال إفريقيا، وجند بطليموس المقيمين من الإغريق، والمقدونيين في جيشه وبحريته وإدارته، ومنح المستوطنين الأراضي وشجع على تنمية الثقافة الإغريقية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015