وعلى نفس الوتيرة يشير عمر الدسوقي إلى أن معظم المسرحيات، التي سبقت أعمال شوقي كانت تضع في حسبانها الجمهور المصري المرح، الذي يحب الفكاهة والغناء الجيد، وإن أضاف إلى ذلك أن المسرح المصري ربما تأثر في تلك النزعة الغنائية التي غلبت عليه بالمسرح الإيطالي كما ظهر في عصر الخديوي إسماعيل، علاوةً على انتشار ممارسة المطربين كسلامه حجازي مثلًا لفن التمثيل في بداية عهد مصر بذلك الفن.
كما يبرز الدسوقي ماضي شوقي الشاعر الغنائي بوصفه عاملًا مهمًّا آخر في شيوع القصائد الغنائية في مسرحياته، فيقول: لم يكن من اليسير على شوقي وقد تمرس بالشعر الغنائي طوال حياته أن يبرع في الشعر المسرحي دفعة واحدة، ويجمع بين الصياغة القرائية وحسن الأداء، وبين مقتضيات الفن المسرحي، وهو لم يعالجه من قبل؛ ولذلك نرى فنه المسرحي يتطور بالتدريج كان يكثر من المقطوعات، التي هي من صميم الشعر الغنائي في مسرحياته الأولى (كيلوباترا) و (مجنون ليلى) مثلًا، ولا سيما في مواقف الغزل والثراء والفخر، وقد ابتدأ فنه المسرحي في أول الأمر اقتباسًا، ثم سار نحو الابتكار والتجديد، ومن منهج وصفي تتحرك فيه الحوادث تحت تأثير الصدف، وتوصف به الحوادث والشخصيات وصفًا لا يمثل الحركة على المسرح إلى منهج تحليلي يعمد إلى أن تعبر الشخصيات والحوادث عن نفسها عمليًّا على المسرح.
لقد كان وراء شوقي في أول الأمر ماضيه في الشعر الغنائي، ووراءه كذلك الجمهور الذي يعجب ويطرب لهذا اللون من الشعر، وقد ألف مسرح الشيخ سلامة حجازي وسيد درويش وأضرابهما، وكان يذهب في الغالب إلى المسرح الذي يشهد مأساة حقيقية، وإنما ليستمتع بالأغاني التي تجري على ألسنة الممثلات، ويخلق لها الحوادث خلقًا، ولكن شوقي بجانب هذا قد قرأ كثيرًا من