وأنا من رأي الدكتور مندور بل أزيد عليه أنه لو كان ذلك صحيحًا لما ترك لها أبوها حرية اتخاذ القرار، بل لكان أصدر أمره بالرفض المبدئي القاطع، بل لما جرأ قيس على طلب يدها، بل لما فكر منذ البداية في التشبيب أصلًا ما دام يريد الزواج بها، إذ هو بكل تأكيد أنه بتشبيبها سوف يقف حائلًا بينه وبين الاقتران بها، والطريف أننا في مسرحية عنترة مثلًا نشاهد عبلة، وهي تزق عنترة ببعض تمرات من فمها والناس من حولهما يشاهدونهما، فهل كانت التقاليد العربية تسمح بشيء من هذا، وبخاصة بين فتاة حرة هي ابنة زعيم القبيلة، وعبد أسود لا هو زوجها، ولا هو حتى خطيبها؟ وهل كانت التقاليد العربية في الجاهلية تقبل من فتاة كعبلة أن ترد على أخيها الذي كان موجودًا حين كان أبوها يأخذ رأيها في رجل تقدم لطلب يدها، فرفضته، وسخرت به، والذي أنكر هذا الرفض وأراد تحسن الرجل في عينيها، فتقول له ما معناه: ولماذا لا تتزوجه أنت؟
والغريب العجيب أن يكون كل ما رد به أبوها على كل الوقاحة، التي لا يمكن تصور صدورها من فتاة عربية في ذلك الوقت هو:
أزوج الرجال بالرجال ... ذاك لعمري منتهى الخبال
وأغرب من ذلك وأعجب أن يجيء تعقيب أخوها المطعون في كرامته ورجولته على النحو البارد التالي:
استهترت أختي فما تبالي ... .......................................... ز
وإضافة إلى ذلك يذكر عمر الدسوقي أن ليلى قد أكرهت إكراهًا على التزوج بمن تزوجته، فلم تختره بنفسها على عكس ما جاء في مسرحية شوقي، ويضيف الدسوقي قائلًا: وقد آثر شوقي أن يجعل ليلى ترفض الزواج من قيس حين خيرت في ذلك؛ محافظةً على التقاليد العربية مع أن التاريخ يذكر أنها أكرهت على