فلا نكاد نهم بالأسى حتى نضحك من هذا الذي لم تنسه منذ مات، فلقد كان حريًّا بحبها ولكنه أيضًا حري بسخريتها وضحكنا منه، وسط هذا العرض للأزواج نجد هذا الذي يمثل عليها دور الغيور، وهو مفضوح في حبها لمالها، أو هذا الصحفي المدعي الذي يرفع الناس ويحط من شأنهم، وهو كاذب مدع لا يصدق إلا في أنه يعيش عالةً على (الست هدى)، وسط هذا العرض الذكي الفكه المملوء بالحركة، نكاد نحس مأساة (الست هدى)، ولكن شوقي حريص على تصوير امرأة من نوع جديد، امرأة راضية بالأمر الواقع وكارهة لأن تستغل، فهي تدافع عن نفسها ما استطاعت أن توفق بين أن تكون متزوجة في مجتمع يفرض عليها أن تكون، وبين ألا تكون مستغلة لمالها.
هذا ما قاله الدكتور الزبيدي في مقال له بعنوان: قراءة في مسرحيات شوقي، منشور بجريدة مدى، في الثاني عشر من ديسمبر سنة ألفين وتسع للميلاد.
ولقد أخذ مندور أيضًا على شوقي أنه لم يستطع التعمق الصراع في نفوس أبطال مسرحياته، إذ كانوا سرعان ما يستجيبون للضغط الواقع عليهم من حولهم، دون أن يكون هناك أخذ ورد داخل نفوسهم، وكأن النفس البشرية من الطواعية لمثل تلك الاعتبارات، بحيث لا يحتاج الأمر إلى أكثر من حضور ذلك العامل الضاغط؛ حتى تتم الاستجابة دون توتر ومعاناة، ويضرب لذلك بعض الأمثلة، ومنها أن ليلى في مسرحية (مجنون ليلى) ما إن يترك لها أبوها حرية اتخاذ قرار الزواج من قيس أو عدمه؛ حتى تسارع فتختار وردًا لها قرينا بدلًا من قيس، الذي كانت مدلهة في هواه، والسبب هو أن قيسًا كان قد كتب شعرًا فيها، وفي حبه لها والتقاليد عند العرب تحرم عليهم تزويج بناتهم لمن يشبب ويشهر بهن.