الزواج من غيره إكراهًا، ولعله أراد بذلك أن يرفع ليلى إلى مصاف الأبطال؛ لأنها ضحت بحبها في سبيل المجتمع وعاداته وإرضاءً لوالدها وقومها، وقد جعلها شوقي في بيت الزوجية مثالًا للمرأة المتيمة بحبيبها قيس، تعيش بقلبها وروحها معه، وهو في البادية في حين يضمها وزوجها وردًا بيت واحد؛ ولذلك احترم زوجها هذا الحب، فعاملها معاملة الشقيقة للزوجة، فظلت في كنفه عذراء إلى أن ماتت.
من كتاب (المسرحية نشأتها وتاريخها وأصولها) للأستاذ عمر الدسوقي.
وهو ما يعني أن شوقي لم يوفق على أي وضع في تصوير وقع الصراع بين الحب والتقاليد في نفسية ليلى.
وعلى ذكر استغراب البعض من اختيار شوقي للست هدى، التي كانت تعيش في حي الحنفي الشعبي، أبعد ما تكون عن مجال الشعر الأرستقراطي واهتماماته، يرى الدكتور محمد مندور في كتابه (مسرحيات شوقي) أن العبقرية كفيلة بأن تفسر لنا سر نجاح شوقي في معالجة هذا الموضوع رغم تلك الملاحظات، إذ إن المبدع يجد من موهبته وخصوبة خياله، وقراءاته المتنوعة فضلًا عما هو مشترك عام بين بني البشر، مهما اختلفت طبقاتهم الاجتماعية يجد في ذلك كله ما يعوضه عن عدم المررو بتجارب أبطاله المختلفة المنازع والبيئات، وهذا صحيح، وإلا فلو كان مطلوبًا من كل مبدع أن يعيش عيشة أبطاله، إذن فلن يكون هناك إبداع ولا مبدعون إلا في أضيق نطاق، وهو ما تكذبه الشواهد الإبداعية في كل الآداب، والمهم ألا يكون هناك افتعال في اختيار الموضوع، أو اعتساف في معالجته، إذ لكل مبدع مدًى لا يمكنه العمل بنجاح خارجه، وهذا المدى يختلف من مبدع إلى آخر حسب الموهبة والجد والاجتهاد والقراءة، وفتح العين والأذن على تجارب الآخرين، والتعاطف معهم واختزان ذلك كله لوقت الحاجة.