الأدب العربي والإنجليزي)، ومن العجيب أن يكتب مندور في كتابه (مسرحيات شوقي): أنه إذا كانت الكلاسيكية تحافظ على مبدأ فصل الأنواع أي: جعل المأساة مأساة خالصة، والملهاة ملهاة صرفة، فإن الرومانسية قد خلطت بين الأمرين، وهو ما صنعه شوقي أيضًا، فضلًا عن أنه قد ضمن مسرحياته قصائد غنائية؛ إرضاءً للذوق العربي والمصري، الذي يعشق الطرب والغناء.

بل لقد أكد الدكتور مندور أن شوقي لم يتقيد بتيار خاص ولا بمذهب معين، بل جمع بين الشرق والغرب، وبين مذاهب الأدب المختلفة والظاهر أنه لم يتعمق دراسة فلسفة الأدب ولم يكون لنفسه حصيلة نظرية من تلك الفلسفة، وإنما كان يستهدي ذوقه الخاص وتفكيره القريب المنال؛ ليعود فيقول عكس هذا تمامًا حين قرر أننا لا ينبغي أن نأخذ بالأصول، التي سار عليها هذا المذهب أو ذاك في الأدب الغربي، فالكثير من تلك الأصول نسبي لم يتحرج الغربيون من الخروج عليها، حتى لو كانت مما نظنه بديهيًّا مثل ضرورة انتهاء المسرحية إلى خاتمة ما، وهو ما يعني صحة كل ما قلناه آنفًا مخالفين فيه الدكتور مندور.

وبالمثل نرى الدكتور محمد حامد شوكت يقرر أن شوقي قد تأثر في مسرحياته بالاتجاه الكلاسيكي في فرنسا، قال ذلك في كتابه (الفن المسرحي في الأدب العربي الحديث)، وذلك أنه رغم أنه عنون الفصل الذي ورد فيه هذا الحكم، وهو الفصل الثاني من الكتاب الذي نحن بصدده بالمسرح الرومانسي المنظوم.

وبالنسبة لاختيار شوقي موضوعات مسرحياته التاريخية يرى الدكتور علي الزبيدي أن شوقي لم يكن بالمناضل المستعد للتضحية في سبيل حبه لبلاده، بل كان يلجأ إلى الوسائل السلمية التي لا تكلف تعبًا ولا تجر وراءها أذى لصاحبها، رغم أن شوقي قد عاش فترة تفرض حب مصر والتضحية لها، والجهاد من أجل تحقيق آمال شعبها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015