وبالمثل ينبغي ألا يتسع المحيط المكاني الذي تقع فيه أحداثها ويتحرك فيه أبطالها عن المحيط الذي يمكن أن يتحرك فيه الإنسان خلال تلك الساعات الأربع والعشرين.

ومن ثم، فإننا لا نوافق مندور على تصنيفه هذا لمسرح شوقي، إذ كانت مسرحياته تضم أحيانًا عناصر مأساوية وأخرى ملهاوية، كما لم تلتزم بتاتًا بالوحدات الثلاث التي كان المسرحيون الكلاسيكيون يلتزمون بها.

لم يبق إلا أن موضوعات مسرحياته كلها تقريبًا موضوعات تاريخية، لكن هل يكفي هذا للحكم عليها بأنها مسرحيات كلاسيكية على اعتبار أن المسرحيات الكلاسيكية كانت تعالج في الغالب موضوعات تاريخية؟ لا أظن هذا سببًا كافيًا للقول بأن شوقي شاعر مسرحي كلاسيكي، بل إن مندور نفسه قد عاد في موضع آخر من ذات الكتاب الذي نحن بصدده وهو كتاب (المسرح)، فذكر أن شوقي كان حريصًا على أن يضفي على مسرحيته (مجنون ليلى) مثلًا ما يسمى باللون المحلي والطابع التاريخي الشعبي، وهو سمة من سمات المسرح الرومانسي.

كما لا ينبغي أن يفوتنا أن بعض مسرحيات شوقي تشتمل على أبيات رومانسية، ينصرف البطل إلى إلقائها حيث تسكن حركة المسرحية، وينصرف المشاهد إلى استماع تلك القصيدة مغمورًا بالانبهار، وليس في هذا أدنى شيء من الاتجاه الكلاسيكي، ولعل ما كتبه الدكتور جمال الدين الرمادي عن مسرحيات شوقي، من أنها لا تمت بصلة إلى مذهب أدبي محدد، بل تأخذ من هذا المذهب شيئًا، ومن ذاك المذهب شيئًا آخر، فجاء فنه يتأرجح على غير هدى لعل هذا الكلام هو أقرب شيء إلى واقع الأمر، وقد ذكره في كتابه (مسرحية كليوباترا بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015