من المسرحيات المعاصرة لشوقي والسابقة عليه، كانت مسرحيات تاريخية، وراجت لدى الجمهور المصري أيما رواج، وإلا فلم استمر الشعراء ينسجون مسرحياتهم من خيوط التاريخ إذن؟

إن انحياز شوقي لإبداع المسرحيات التاريخية في كل أعماله تقريبًا، إنما هو اتباع لما كان يجري عليه التأليف المسرحي في مصر في كثير من الأحيان، إذ كان التاريخ والقصص الشعبي أهم مصادر التأليف المسرحي العربي، كما جاء في مادة المسرحية العربية في الموسوعة العربية العالمية، التي أضافت أن المسرحية العربية تقسم إلى ثلاثة أنواع: مسرحية تاريخية، ومسرحية تراثية، ومسرحية شعرية، وأن المسرح التاريخي قد شغل حيزًا كبيرًا في التراث الأدبي المسرحي على امتداد الوطن العربي، وفي مختلف مراحل تاريخ المسرحية العربية، ومنه على سبيل المثال في تلك الفترة المبكرة مسرحية (المروءة والوفاء) لخليل اليازجي، و (السلطان صلاح الدين في مملكة أورشليم) لفرح أنطون.

أما المسرح التراثي في تلك الفترة ذاتها، فيمكن الاستشهاد له بمسرحية (أبو الحسن المغفل) لمارون النقاش، المستوحاة من قصص (ألف ليلة وليلة)، وكاد أبو خليل القباني الرائد الثاني لكتابة المسرحية أن يعتمد كليًّا على القصص الشعبي في كتابة مسرحياته، وهي في معظمها مأخوذة من قصص (ألف ليلة وليلة)، وقد اعتمدت الموضوعات في هذه الفترة على ما يجد القبول لدى العامة من أحاديث الحب والخيانة، والبطولة والشهامة، ومما قاله الدكتور مندور أيضًا عن مسرح شوقي حسبما رأينا: إنه مسرح كلاسيكي، لكن فاته أن المسرح الكلاسيكي يفصل تمام الفصل بين المأساة والملهاة، فلا يخلط بينهام في العمل المسرحي الواحد، فضلًا عن أن زمن المسرحية فيه ينبغي ألا يتجاوز أربعًا وعشرين ساعة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015