عطية عامر قد سبق بصنيعه هذا "رينيه وليك" الأستاذ السابق بالأدب المقارن بالجامعات الأمريكية، وإن لم يعد دكتور طاهر مكي تلك المقالات من الأدب المقارن في شيء أصلًا، رغم إقراره بأنها تتفق مع المنهج الأمريكي على كل حال.
إذ قال: إنها لا تزيد عن أن تكون مجرد ألوان من الموازنات بين موضوعات قد تتشابه أو تختلف عرضًا في الأدبين العربي والإنجليزي، ولعلها جاءت صدى لبعض أفكار المدرسة الأمريكية، التي تجيز شيئًا من هذه الموازنات جاعلًا بهذا للمدرسة الأمريكية السبق على كتبه ناقدنا المصري، على عكس ما يقول الدكتور عطية عامر.
وبالمثل نرى العقاد بما كتبه عن المعري في رجعة أبي العلاء قد انطلق من ذات الرؤية، وإن لم يشِر إلى أنه بصدد كتابة بحث في الأدب المقارن على عكس ما هو مثبت في رءوس مقالات أبي السعود، إذ تخيل أن حكيم المعرة عاد إلى الأرض في زماننا هذا، وأنه كان رفيقه في جولته بالعالم الحديث، وبما يضطرب فيه من فكر وفلسفات ومذاهب، فكان كلما رأى شيئًا يظنه رفيقه الأسوني الجديد عليه سارع هو، فقال: إنه قد سلف أن تحدث عنه في شعره حين قال كذا وكذا، وكأن العقاد يريد أن يقول: إن أبا العلاء كان بعيد النظر، واسع مدارك الفكر والفن والخيال، فسبق بذلك عصره، وإن بين الإنسانية الكثير من الموافقات رغم اختلاف أوطانها وعصورها وأوضاعها الثقافية والاجتماعية، كل هذا دون أن يحاول العقاد التدليل على أنه كانت هناك صلات بين فكر المعري وأصحاب هذه الآراء والاتجاهات السياسية والفلسفية من الأوربيين، بل دون أن يفكر مجرد تفكير في ذلك.
وكان طه حسين في الفصل الخاص بهميروس من كتابه (قادة الفكر)، الذي صدر في منتصف عشرينيات القرن الماضي قد تحدث عن جاهلية رينيه والجاهلية العربية