حديثَ المقارنة، رغم أنه لم يثبت أن ثمة علاقة تاريخية بين الجاهليتين، ورغم أنه لم يقل أيضًا: إنه إزاء دراسة في الأدب المقارن، وهذا إن كان واعيًا أصلًا بوجود مثل ذلك التخصص في تلك المرحلة المبكرة من حياته الفكرية والنقدية، وعلى نفس هذا المنوال قارن الدكتور إبراهيم سلامة في كتابه (التيارات الأدبية في الشرق والغرب، دراسة في الأدب المقارن) بين الأدبين العربي والإغريقي في كل الفنون تقريبًا، حتى ما لم يكن بين الأدبين فيه صلة أو في أقل تقدير لم يثبت أنه كانت هناك بينهما تلك الصلة، كما في فن الملحمة والشعر التعليمي الحكمي.
وعلى نفس المنوال أيضًا ضمن الدكتور جمال الدين الرمادي كتابه (فصول مقارنة بين أدب الشرق والغرب) عددًا من المقالات عن مقارنة هذا الموضوع أو ذاك، بين الأدب العربي وبعض الآداب الأوروبية، فتحدث مثلًا عن فصول السنة الأربعة واحدًا واحدًا، وكذلك عن الليل والقمر والبحر والحرب والموت والظهور والرومانسية وفن القصة والمسرح، في أدبنا وفي أدب الإنجليز وغيره من الآداب الأوروبية أحيانًا، وإمارة الشعر بين شوقي و"دريدن"، وهو من شعراء القرن السابع في بريطانيا، كما قارن بين اللورد "بيرن" وشاعر الغزل الأموي عمر بن أبي ربيعة، سواء في حياتهما الأسرية والشخصية أو في منحاهما الغزلي، وبين خليل مطران و"ألفريد دي موسيه"، وهي فصول شائقة وكاشفة ومثيرة للخيال رغم إيجازها واكتفائها ببعض الخطوط العامة، وعدم وجود صلات معروفة بين الأدبين المذكورين في الموضوعات التي تناولها المؤلف.
بل رغم عدم اهتمامه ونفسه في تحري هذه النقطة أصلًا، ومن شأن هذه الفصول وأشباهها أن تدفع إلى مزيد من الدرس والتعمق والانطلاق إلى آفاق أرحب ودراسات أكثر تفصيلًا وإحاطة، أما بالنسبة للقارئ العام، فإنها ذات قيمة