وعند وصولهما إلى الجنة الأرضية على قمة جبل المطهر، يوصي فرجيل "بدانتي" إلى مرشدة جديدة هي بياتروس
وتعد هذه الملحمة من نواح عدة قصيدة حب تمتدح جمال بياتروس الأخلاقي، وقدرتها على الوصول بدانتي إلى رؤية الخير الأعظم، إذ إنها تقوده خلال طبقات السماوات العشر، حيث يلتقي بأرواح المباركين، ويقف "دانتي" في بهجة ونشوة، ويتفهم في النهاية الحقيقة النهائية للحياة، وما يعنيه الكون، وتذهب جماعة مؤرخي الأدب ونقاده إلى أن "دانتي" تأثر في هذا العمل بقصة الإسراء والمعراج، وربما أيضًا بـ (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري، وأخذ الفكرة والمنهج عنه.
و (رسالة الغفران) كما جاء في المادة المخصصة لها في "الموسوعة العربية العالمية" هي رحلة خيالية كتبها أبو العلاء المعري، الذي توفي في منتصف القرن الخامس الهجري، ردًّا على رسالة وجهها إليه علي بن منصور الحلبي، المعروف بابن القارح يسأله فيها عن جملة من الأمور تتصل بالتاريخ والفقه والتصوف والأدب والنحو والسيرة النبوية والزندقة، وقد جاء رد أبي العلاء على رسالة ابن القارح من شقين: الشق الأول هو الشق الخيالي ويتصور فيه المعري ابن القارح في رحلة إلى العالم الآخر على غرار أدب المعراج، وسماها الغفران، أي: غفران الله -سبحانه وتعالى- لابن القارح وغيره من الشعراء زلاتهم وخطاياهم، والشق الثاني ينطوي على رد أبي العلاء المعري على المسائل، التي تؤرق ابن القارح وهي قضايا فكرية وعلمية وتاريخية ودينية، كما ألمحنا من قبل.