أضافت إليها الأجيال اللاحقة صفة إلهية، فأصبحت تسمى (الكوميديا الإلهية)، وقسم "دانتي" الأقسام الثلاثة للقصيدة إلى أجزاء أخرى تسمى بالأجزاء الداخلية، ويضم كل من قسمي المطر والفردوس ثلاثة وثلاثين جزءًا، أما الجحيم فيضم أربعة وثلاثين جزءًا، وتتميز جميع الأجزاء بالإيقاع القوي؛ نظرًا لمقاطعها الموشحية ذات الأبيات الثلاثة.

وفي هذا الشكل الشعري الذي اخترعه "دانتي"، نجد أن البيتين الأول والثالث من كل مقطوعة يأتي على وزن البيت الأوسط من المقطوعة السابقة، وتبدأ القصة بـ"دانتي" المفقود في غابة مظلمة، وفي يوم جمعة صحوة، وبعد ليلة من التجوال المؤلم يتقابل مع الشاعر الروماني فرجيل، الذي يعده بأن يخرجه من تلك الغابة، ويقوده إلى رحلة في العالم الآخر ويدخل الاثنان الجحيم، وهو حفرة فظيعة على هيئة مخروط عميق في باطن الأرض، وفي الحفرة تسع دوائر حيث يريان جموعًا من الأفراد يعانون العذاب، الذي تصبه فوق رؤسهم الوحوش الخرافية والشياطين والمخلوقات الأخرى؛ عقابًا على خطاياهم، وهؤلاء الملعونون المعذبون شخصيات تاريخية معروفة جيدًا، بعضها من عصر سابق لـ"دانتي"، غير أن معظمهم من عصر "دانتي" نفسه.

ومن هذه الشخصيات ابن رشد وصلاح الدين، وللأسف وضع هذا الغبي الكافر الرسول محمدًا -عليه الصلاة والسلام- في أسفل دركات الجحيم، ويغادر كل من "دانتي" وفرجيل الجحيم ويصلان إلى جبل المطهر، ومن هناك يتسلقان إلى شرفات مضيئة فيها الموتى، الذين وهبوا الخلاص يبحثون عن الغفران من الخطايا التي اقترفوها على الأرض، ويملأ جو من الأمان والأمل ذلك المكان الخاص بالتطهر، على عكس المعاناة الكبيرة واليأس اللذين مرا بهما في الجحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015