أما العالمية: فهي المصدر الصناعي من كلمة عالم، وهي ترجمة لكلمة "يونفرسلزين" المأخوذة من كلمة "بايونفيرس" ومعناها العالم بمعنى الكون، وإن كانت مستعملةً هنا بمعنى المجتمع البشري على الأرض، من باب إطلاق الجزء على الكل مثلما قلنا في العولمة.

إلا أن هذا المصطلح يخلو من الإيحاءات السلبية التي يحملها مصطلح العولمة، إذ يؤمى إلى الأخوة الإنسانية، وما ينبغي أن يسود بين الناس من تفاهم سبيله الحوار والتبادل الثقافي، وما إلى ذلك، على أساس من المساواة بين البشر ورجوعهم جميعًا إلى أصل واحد، وبخاصة في هذا العصر الذي قصرت فيه المسافات وتقاربت المتباعدات.

يقول الدكتور حسام الدين خطيب: إن فكرة العالمية ليست جديدة في التاريخ الإنساني، بل لعل الإنسان خُلِق في الأصل عالميًّا. وهذا كلام لا غبارَ عليه إذا كان المقصود أن الله قد خلق البشر جميعًا من أصل واحد هو الماء والتراب، وأنهم ينتمون إلى أب واحد وأم واحدة هما آدم وحواء، وأنهم مهما اختلفت بهم الأوطان والأزمان لهم نفس الغرائز، ويتمتعون بنفس المواهب، ولهم نفس المطامح والمخاوف، والأفراح والأحزان، وأنهم خلقوا بنفس الملامح.

لكن لا بد أن نعرف أن هناك دائمًا فرقًا بين الفكرة والواقع، فالأمر هو فعلًا كما قلنا، إلا أن هذا لا يعني أن البشر يقبلون فكرة المساواة، ويتواضع بعضهم لبعض أو يسارع بعضهم لنجدة بعض على نحو تلقائي، بل لا بد لذلك من تربية أخلاقية ومرارة طويلة، ثم إنهم بعد ذلك ورغم ذلك كثيرًا ما يفشلون عند أول منعطف، إذ ينبغي حساب الأطماع والتنافسات والرغبة في التميز والتسيد، وإيمان كل فرد أو فريق بأنه أفضل من غيره، كذلك لا ينبغي أن ننسى عامل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015