ذاك، ترى كيف نتعامل مع إبداع هؤلاء؟ هل نظل ننسب إلى أدب أمتهم التي غادروها وانضموا إلى أدب أخرى؟ أم هل نضعهم مع أدب الأمة التي هاجروا إليها؟ وهذا ينطبق -مثلًا- على الأدباء الجزائريين الذين تركوا الجزائر واستقروا بفرنسا، وصاروا جزءًا من الشعب الفرنسي، ويكتبون أدبهم بلغة الفرنسيس، أو بأديبة كالدكتورة إهداف سويف القصاصة المصرية التي تزوجت بريطانيًّا تعيش وتعمل الآن في بريطانيا بوصفها واحدةً من الشعب البريطاني، حتى لو ظلت تحتفظ بجنسيتها المصرية، أو كالشاعرة والقصاصة الدكتور مهجة قحف أستاذة الأدب المقارن بالجامعات الأمريكية، التي نالت الجنسية الأميركية وأضحت واحدة من أفراد الشعب الأمريكي، رغم احتفاظها بحجابها وتأكيدها بأنها تعتز بذلك.

ترى كيف ننظر إلى الأدب الذي يبدعه هؤلاء وأشباههم، ويكتبونه بلغة البلد الذي هاجروا إليه؟ أنعامله على أنه أدب إنجليزي أو فرنسي، ومن ثم يمكن أن نجري مقارنة بينه وبين نظير له في الآداب العربية؟ أم نعامله على أنه لا يزال أدبًا عربيًّا وإن كان مكتوبًا بلغة غير اللغة العربية؟

في رأي أن ذلك يتوقف على اتجاه هذا الإبداع وروحه، أهو مشدود إلى الوطن الأصلي ومشاكله وقضاياه وهمومه، وقيمه وتطلعاته، وتسري فيه الروح التي تسري في أدب ذلك الوطن؟ أم هو قد اندمج وسار يعبر عن أحوال الوطن الجديد وموضوعاته واهتماماته؟ إن كانت الأولى فهو أدب عربي مكتوب بالفرنسية أو الإنجليزية -مثلًا- أما إن كانت الأخرى فهو أدب فرنسي أو إنجليزي حتى لو كانت له بعض الخصوصيات الدقيقة وسط سائر إبداعات الأدب الذي ينتمي إليه.

هذا عن العولمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015