دعا فأر من الريف صديقًا له يعيش في المدينة لطعام للعشاء، وعندما حضر الصديق قدم له فأر الريف طعامًا كان يتألف من الشعير والقمح فقط، فقال فأر المدينة لصديقه: دعني أقل لك شيئًا وأرجو ألا تغضب، أنت تعيش يا صديقي مثل النملة، أما نحن في المدينة فلدينا وفرة في الطعام من الأشياء الطيبة، ولو قبِلت دعوتي إلى زيارة المدينة فسوف تشارك فيها، وفي الحال سافر الاثنان إلى المدينة، وعندما قدم فأر المدينة لصديقه البازلاء والفول والخبز، والبلح والعسل والجبن والفاكهة، أصيب فأر الريف بالذهول، وهنأ زميله من صميم قلبه، ولعن حظه العاثر، وكان على وشك البدء في تناول وجبة الطعام الشهية عندما انفتح الباب فجأةً ودخل شخص، وهنا قفز المخلوقان الجبانان مرتاعين من الصوت، وفرَّا مذعورين إلى الشقوق، ثم حين عادا وحاولَا أن يتناولا بعض التين الجاف، رأيَا شخصًا آخرَ يدخل الغرفة كي يأخذ شيئًا، فقفزَا إلى الحجر من جديد، فقال فأر الريف: أنا لا أبالي أن أموت جوعًا، وداعًا يا صديقي، هنيئًا لك ما أنت فيه من رغد وشبع، ولكن ذلك يكلفك كثيرًا، إذ إنك تعيش دائمًا في رعب، وعلى حافة الخطر، أما أنا فأفضل أن أتناول وجبات فقيرة من القمح والشعير دون خوف أو إحساس بالخطر.
في يوم من أيام الشتاء وجد الفلاح أفعى تكاد أن تتجمد من البرد، فتحرك قلبه شفقةً عليها والتقطها ووضعها في صدره، لكن مع الدفء عادت إليها غريزتها الطبيعية، فلدغت الرجل الطيب الذي أحسن إليها لدغةً قاتلةً، فقال وهو يحتضر: لقد نِلت ما أستحق، لأنني أخذتني الشفقة بمخلوق شرير.