والاحترام والتسامح والاعتراف بخصوصية الآخر واختلافه، وفي إطارها تتفاعل الجماعات والشعوب وتتواصل بهدف الانتماء المتبادل؛ لهذا فهي تفترض الثقة والرغبة في التواصل، والتقدم والتطور، واكتساب العلم والمعرفة.

وإذا كانت الشعوب تسعى سعيًا تجاه المثاقفة، فهي ترفض أشكال غير الثقافي كافة، وقد عبر "المهاتما غاندي" عن ذلك قائلًا: إنني أفتح نوافذي للشمس والريح، ولكني أتحدى أية ريح أن تقتلعني من جذوري، لهذا فالمثاقفة بهذا المعنى؛ تُعَدّ رافدًا مهمًّا، تسعى كل أمة من خلاله إلى معرفة الآخر، واستثمار ما لديه من قيم ومعطيات إنسانية وحضارية، وإلى تنمية كيانها الثقافي بشكل خلاق، وغير مضر بمقومات الهوية القومية وثوابتها.

ولعل ما كتبه شاه سعيد عن دور الأدب المقارن في حوار الحضارات، أن يكون أقرب إلى واقع الأمر، سواء فيما يتعلق بالطبيعة البشرية، أو بقدرات ذلك الفرع من فروع المعرفة يقول: "كلما اتجهت الأنظار نحو عالمية الأدب، والثقافة الإنسانية؛ أو ما يُسمى بحوار الحضارات، والتفاعل بين الهويات الحضارية المختلفة، برزت أهمية الأدب المقارن باعتباره جسرًا من جسور ذلك التفاعل".

من هذا المنطلق يحاول هذا الباحث إلقاء الضوء على الدور الذي يمكن أن يضطلع به الأدب المقارن، خصوصًا في عصرنا الراهن الذي بدأت فيه المعرفة الإنسانية تدخل مرحلة من الاندماج العالمي الأعمق، بفضل الشبكات الكبيرة للاتصالات والإعلام والعلاقات الاقتصادية، والتفاعلات الحضارية والاجتماعية بين الشعوب والثقافات، والتي تندرج في بعض الجوانب ضمن ظاهرة العولمة وأثرها على المستويات المختلفة.

ولكن قبل التطرق إلى هذه القضية نحاول أن نقف بشكل سريع عند جوهر الرسالة الإنسانية التي وجد الأدب المقارن في الأصل من أجل أدائها، والذي أدى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015