بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع عشر
(تقويم علاقة التأثر بين الأدب العربي وغيره من الآداب)
تقويم علاقة التأثر بين الأدب العربي وغيره من الآداب:
وللأدب المقارن أهداف متوخاة تتلخص في أن يتم التلاقح بين الآداب القومية المختلفة بعضها وبعض، وبغير هذا التلاقح قد يأسن الإبداع الأدبي، ويظل يدور في حلقة مفرغة، وقد ينتهي به الأمر إلى أن يأكل نفسه كالرحى حين لا يكون هناك ما تطحنه؛ فلا يكون إمامها إلا أن يحتك شقاها ويتحاتّا ويَظلّا يحتكان ويتحاتان، ثم ينتهي بهم المطاف إلى أن تتفتت الرحى وتنتهي.
أما الاحتكاك بالآداب الأخرى؛ فمن شأنه أن يضخ دماء جديدة في الآداب القومية، تدب فيها الحيوية من خلالها؛ فتتوثب وتضج فيها الحياة القوية العارمة.
والواقع أن ميدان الأدب المقارن يشمل كل ما يتعلق بالأدب العام والقومي، ولكن من حيث علاقته بغيره من الآداب؛ والإفادة التي يمكنه أن يفيدها من هذه العلاقة، فمثلًا هناك الأجناس الأدبية، التي لم نكن نعرف منها في أدبنا القومي قبل العصر الحديث جنس المسرحية، ولا جنس الملحمة، ولكن بعد اتصالنا بالغرب أصبح عندنا مسرح شعري ونثري، ولمعت أسماء: "شوقي" و"عزيز أباظة" و"عبد الرحمن الشرقاوي" و"صلاح عبد الصبور" و"فاروق جويدة" و"توفيق الحكيم" و"علي أحمد با كثير" و"سعد الله ونوس" و"ممدوح عدوان".
وحاول عددٌ من كبار شعرائنا كتابة الملحمة؛ فاقتربوا بإبداعهم منها كالعقاد في "ملحمة شيطان" وأحمد محرم في "الإلياذة الإسلامية" وفوزي المعلوف في "وادي عبقر" وهكذا ورغم أن عندنا بعض قصص تتعلق بالأمثال بعض أبطالها من الحيوان؛ فإنّ قصصَ الحيوان كجنس أدبي مستقل، يُبدع فيه الأدباء عن قصد وعناية، لم يكن معروفًا عند العرب بل أخذوه عن غيرهم، حين كتب عبد الله