كثيرًا ما ينتهي إلى ما يشبه هذيان الحواس، وبخاصة عندما يلجأ السرياليون إلى الطرق المصطنعة؛ كالأفيون وغيره بإطلاق المكبوت في النفس، ثم عندما يحاولون تسجيل هذا المكبوت في لوحات أو قصص أو مسرحيات غامضة مضطربة، أو هاذية محمومة، ربما لا يدركون هم أنفسهم لها معنى أو يحددون لها هدفًا وهي بالرموز والأحاجي أشبه منها بالأدب والفن، مهما أن يجعلوا من هذه الحمى مذهبًا أدبيًّا أو فنيًّا.
ومهما حاولوا تسويغ بعض اتجاهاته، مثل تركهم مسرحياتهم أو قصصهم أحيانًا بدون خاتمة، بدعوى أنهم لا يقصدون غير الإثارة والإيحاء؛ تاركين للقارئ أو المشاهد مهمة تصور الخاتمة التي يريدونها، والتي ترسمها قواهم النفسية المثارة والمطلقة من كبتها.
ويرى الدُّكتور مندور أن مِثل هذا المذهب لا يَسْهُل إدراجه بين عداد المذاهب الأدبية والفنية؛ لأنه في الواقع لم يضع أصولًا وقواعد أدبية أو فنية، إذ كان كل همه هو إطلاق المكبوتات النفسية ومحاولة تسجيلها في الأدب والفن، دون تقيد بأصل أو قاعدة.
ثم يمضي قائلًا: إنه حتى لو استطعنا التسليم بأن السريالية من حيث المضمون، لا تخلو من بعض الصدق على أساس أن النفس الإنسانية لا يمكن أن تخلو من مكبوتات، بحكم أن الفرد يعيش في المجتمع، وأن هذا المجتمع لا بد أن يفرض قيودًا وأوضاعًا تكبت غرائز الأفراد ورغباتهم، فإننا لا نستطيع التسليم إلا بأن السريالية تستحق أن نعدها مذهبًا أدبيًّا أو فنيًّا؛ إذ هي لم توفق إلى خلق صورة أدبية أو فنية خاصة بها، أو خلق أسلوب تتميز به.
والسلام عليكم ورحمة الله.