بل إن في الكناية قسم يسمونه "الرمز" وكثيرًا ما يمثل له البيانيون بقول العرب: "فلان عريض الوساد" يرمزون إلى بلاهته وبلادته، إذ يترتب على عرض الوساد عرض القفا، ويعتقد العرب أن عريض القفا يكون عادة بليدًا، كما أن واسع الجبين عريضه، يكون عادة نبيهًا ألمعيًّا ذكيًّا.

وحينما يقول "ملر ميه": إن شفقًا أبيض يبرد تحت جمجمتي، فإنه يكني عن المخ ويرمز إليه، والكناية هنا عن موصوف؛ فالكناية رمز يأتي في صور قصيرة موجزة، مثل هذه الأمثلة، ولم تتخذ الكناية شكلًا أدبيًّا أو موضوعيًّا، كما في الرمزية الحديثة، ولكنها تدل على أن الذهن العربي ولود مفكر سبق الغرب في أشياء كثيرة.

أما الرّمزية الحديثة؛ فدخلت الأدب العربي الحديث عن طريق لبنان، وأصبح لها رواد كثيرون من شعراء لبنان، منهم على سبيل المثال: بشر فارس، وألبير أديب، وأديب مظهر، وخليل شيبوب، وجبران خليل جبران، وميخائيل نعيمه.

ولنزار قباني بعض قصائد رمزية، ولكنّ فيها شيئًا من الوضوح، ويلاحظ الدارس لشعر هؤلاء أنهم تأثروا لحد كبيرًا في شعرهم لمعطيات الرمزية وتعاليمها واتجاهاتها، ووقفوا على آثارها في لغاتها الحية، واستطاعوا بكل سهولة أن يضمنوها شعرهم.

ونورد فيما يلي بعض أمثلة من الشعر الرمزي العربي، من ذلك قصيدة مرسلة للأستاذ ألبير أديب بعنوان "حياتنا" يقول فيها:

حياتنا شباب وفكر أخضر

وعواطف من عمل الربيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015