الغربي، ومن مظاهر ذلك: الرمزية الجزئية لجبران خليل جبران، خاصة في قصيدته "المواكب" التي اعتمدت في بعض صورها على تراسل الحماس كما في قوله:
هل تحممت بعطر ... وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرًا ... في كؤوس من أثير
وفيه انتقال الحس اللمسي للاستحمام، مكان الحس الشمي العطر والحس البصري النور مكان الحس اللمسي التنشف، والحس الذوقي الشرب مكان الحس البصري.
وللرمزية في حقل الأدب ولا سيما الشعر رواد كثيرون، يأتي في مقدمتهم الشاعر الفرنسي "بودلير" وقد كان في مبدأ حياته الأدبية معجبًا بمدرسة الفن للفن، ومن أنصارها المتحمسين ورائدها "توفيل جوتييه" أستاذًا وموجهًا، ومن روادها الشاعر "فولفيرلين" و"رامبو"، و"مالرميه"، وتدعو هذه المدرسة الرمزية إلى الاهتمام بالموسيقى اللفظية في الشعر؛ فلا بد من العناية بالصورة الشعرية عناية فائقة حتى تستطيع أن تستشف منها معاني الجمال.
واللغة الشِّعريةُ نَفْسُها ما هي إلا وسيلة إيحاء توحي بالخواطر والمشاعر والأحاسيس والرؤى والأحلام والحالات النفسية من الكاتب إلى القارئ، إذًا اللغة في نظر الرمزيين قاصرة وعاجزة عن أن تنقل لنا حقائق الأشياء.
وبالتّالي ليست بوسيلة لنقل المعاني المحددة، أو الصور المرسومة الأبعاد، ولا بد من أن تبدأ الصور التعبيرية من الأشياء المادية المحسوسة؛ ليستوحي ظلالها وأثرها العميق في النفس وفي منطقة اللاشعور، أو العقل الباطن، وهي منطقة لا يدركها العقل الواعي ولا يسلم بها، ولا تبرز مخزوناتها إلا في الأحلام، وأحلام اليقظة وفي حالات التنويم المغناطيسي.