ولمزيد من التوضيح نقول: إنّ المدرسة الرمزية حركة أدبية اعتمدت الرمز لغة، والموسيقى إيقاعًا، والجمال غاية ومحورًا. والرمزية هنا معناها الإيحاء، أي: التعبير غير المباشر عن النواحي النفسية المستترة، التي لا تقوى اللُّغة على أدائها في دلالاتها الوضعية، بحيثُ تتولد المشاعر عن طريق الآثار النفسية، لا عن طريق التسمية والتصريح.
وقد ظَهرت الرمزية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ فإن نشأة الرمزية في الأدب الغربي الحديث يعود إلى سنة ألف وثمان مائة وست وثمانين، عندما أصدر "مورياس" رسالة أدبية تتضمن تعريفًا مفصلًا بهذه المدرسة، وكانت هذه الرسالة بمثابة أول منشور للرمزية، وصدر هذا البيان في الملحق الإداري للفيجارو الفرنسية، حيث قدم تعريفًا بالمذهب الجديد. وحدد ممثليه ورواده، وهم:
"شارلْ بُودلير" وهو شاعر وكاتب فرنسي ولد وعاش بباريس، ومن مؤلفاته "زهور الشر" "لي فلير دي مل" وله مجموعة شعرية تعبيرية. وترجم قصصًا لـ"إدجر المبو" ويعد "بودلير" الرائد الأول للرمزية في فرنسا و"ماليرميه" المنظر الحقيقي الذي وهب الشعر معنى الغموض والأسرار الخارقة التي لا توصف. أما الثالث فهو: "فيرلين" لأنه كسر قواعد الشعر المألوفة، وحوله إلى نوع جديد هو الشعر الحر.
وبعد ذلك بعدة أسابيع ظهرت مجلة الرمزية "لوسبليست" في أربعة أعداد، وأوضحت كثيرًا من قواعد الرمزية، ورسخت اتجاهاتها.
ومن أبرز رواد الرمزية خارج فرنسا: "وليم بليك" و"وليام بتلر يتس" من أيرلندا و"ريلكه وإلكساندر بلوك" من روسيا، و"توماس سترس إليوت" من أمريكا، وإن كان يحمل الجنسية الإنجليزية.