أي: أنّ الشّاعر يُحطم المنطق العلمي المحسوس، ويفرض منطق الحلم والوهم، بهدف نقل مشاعره وأحاسيسه إلى المتلقي، ومن الواضح أن تصرف الشاعر الرمزي في اللغة إلى هذا الحد، ليس عملًا مقبولًا عند سائر الناس، بل هو جميل فحسب عند أتباع المدرسة الرمزية وتعبيراتها الغريبة والمعجبين بآدابها.

وقد اتصل الأدباء المحدثون بالأدب الرمزي كالعادة، عن طريق الترجمة أو الاطلاع على أدب اللغات الأوربية، مما أدى إلى تأثرهم بذلك الأدب بدرجات متفاوتة؛ إلا أن الرمزية لم تشكل مذهبًا واضحَ المعالم في الأدب العربي.

ومن أهم الأدباء الذين نجد لديهم سمات رمزية: جُبران خليل جبران، وأمين الريحاني، ومي زيادة، ومصطفى صادق الرافعي. ويقول بعض الدارسين: إن "أديب مظهر" المتوفى عام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين في السادسة والعشرين من عمره هو أول شاعر عربي أدخل جذوة الرمزية إلى الشعر العربي في قصيدته "نشيد السكون"، وكان مقدرًا له أن يبرز لولا أن الموت عاجله وهو صغير السن.

كما برز الشاعر اللبناني "سعيد عقل" الذي كان من أوائل أدباء العرب نقلًا للرمزية الغربية، وكان يرى أن الشعر يجب ألا يُخبر، بل يوحي ويلمح، وأصر على إدراك اللامنطقي والحدسي للعالم، كما اعتبر أن الشعر موسيقى قبل أن يكون فنًّا فكريًّا.

وممن تأثروا بالرمزية أيضًا: "يوسف غصوب" و"جورج صيدح" و"إيليا أبو ماضي" وبعد سنة ألف وتسعمائة وخمسين شاعت في الشعر العربي حركة جديدة تتسم ببعض الخصائص الرمزية، من أبرز أعلامها: "بدر شاكر السياب" و"عبد الوهاب البياتي" و"سعد يوسف" و"نازك الملائكة" و"خليل الحاوي" و"يوسف الخال" و"أدونيس" و"صلاح عبد الصبور".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015