ومِن أبرَزِ الشَّخصيات في المذهب الرمزي في فرنسا وهي مسقط الرمزية: الشاعر "بودلير" وتلميذه "رامبو" وكذلك "مالرميه" و"بول فاليري" وفي ألمانيا "ريلكه" و"ستيفان جورج" وفي أمريكا "أيمي لويل" وفي بريطانيا "أوسكار وايلد".
ومن مبادئ الرمزية الابتعاد عن عالم الواقع وما فيه من مشكلات اجتماعية وسياسية، والجنوح إلى عالم الخيال؛ بحيث يكون الرمز هو المعبر عن المعاني العقلية والمشاعر العاطفية، والبحث عن عالم مثالي مجهول يسد الفراغ الروحي، ويعوض عن غياب العقيدة الدينية؛ وقد وجد الرمزيين ضَالتهم في عالم اللاشعور والأشباح والأرواح، واتخاذ أساليب تعبيرية جديدة، واستخدام ألفاظ موحية تعبر عن أجواء روحية، مثل لفظ: "الغروب" الذي يوحي بمصرع الشمس الدامي، والشعور بزوال أمر ما، والإحساس بالانقباض.
وكذلك تعمد الرّمزية إلى تقريب الصّفات المُتباعدة رغبة في الإيحاء مثل تعبيرات: "الكون المخمر" "الضوء الباكي" "الشمس المرة المذاق". وتحرير الشعر من الأوزان التقليدية؛ فقد دعا الرمزيون إلى الشعر المطلق مع التزام القافية، أو الشعر الحر. وذلك لتساير الموسيقى فيه دفعات الشعور، إذ كانوا يعتقدون أن اللغة عاجزة عن التعبير عن تجربتهم الشعورية العميقة، فلم يبق إلا الرمز ليعبر فيه الأديب عن مكنونات صدره.
ويكاد يكون هذا المذهب نتيجة من نتائج تمزق الإنسان الأوربي وضياعه، بسبب طغيان النزعة المادية، وغيبة الحقيقة، والتعلق بالعقل البشري وحده للوصول إليها؛ من خلال علوم توهم بالخلاص عند السير في دروب الجمال.
ولا شك أنّ الرّمزية ثمرة من ثمرات الفراغ الروحي، والهروب من مواجهة المشكلات باستخدام الرّمز في التعبير عنها؛ فضلًا عن الضيق بالمذهب الواقعي،