والحق أن الأدب الرمزي إنما هو محاولة من الأديب للإفصاح عن العواطف المكبوتة في أعماق النفس البشرية، والإتيان بصور من العقل الباطن إلى قارئه؛ مستعينًا في ذلك بجرس الألفاظ، وإيقاع الوزن وتراسل الحواس.

وقد قام هذا الشاعر في سبعينات القرن التاسع عشر الميلادي بجولة في مناطق متعددة من بريطانيا، وهولندا، وبلجيكا بصحبة الشاعر الشاب "آرثر رامبو" واصفًا المناظر الطبيعية هناك في إطار من التخيلات الواسعة الشبيهة بالأحلام، تحت عنوان "أغانٍ بدون كلمات" وصدر عام ألف وثمانمائة وأربعة وسبعين، وعكست قصائده الشجية العفوية وما فيها من صور غريب كالسماوات الرّمادية، والقمر الشّاحِب والكمان الحزين نوعًا من اللمسات الحزينة المتشائمة.

وحسبما جاء في الندوة العالمية للشباب الإسلامي؛ فالرمز في الأدب إنما يروم التعبير غير المباشر عن النواحي النفسية المستترة، التي لا تقوى اللغة على أدائها، أو لا يُراد التعبيرُ عنها مباشرة.

ورغم أن استعمال الرمز حسبما مَرّ بيانُه قديم جدًّا، كما هو عند الفراعنة واليونانيون القدماء؛ فإن المذهب الرمزي بخصائصه المتميزة لم يعرف إلا عام ألف وثمانمائة وستة وثمانين، حيث أصدر عشرون كاتبًا فرنسيًّا بيانًا نشر في إحدى الصحف، يعلن ميلاد المذهب الرمزي. وعرف هؤلاء الكتاب حتى مطلع القرن العشرين بالأدباء الغامضين.

وقد جاء في البيان: أن هدفهم تقديم نوع من التجربة الأدبية، تستخدم فيها الكلمات لاستحضار حالات وجدانية؛ سواء كانت شعورية أو لا شعورية، بصرف النظر عن الماديات المحسوسة التي ترمز إلى هذه الكلمات، وبصرف النظر عن المحتوى العقلي الذي تتضمنه؛ لأنّ التجربة الأدبية، تجربة وجدانية في المقام الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015