أما "أنطون تشيكوف" فقد وصف "أرستقراطية" روسيا المتلاشية في مسرحيته "بستان الكرس" وفيما يتعلق بالمسرح الإنجليزي فقد كان تقبله للواقعية بطيئًا، إلا أن "جورج بيرناردشو" ما لبث أن بعث الحياة في الحركة الواقعية، في سلسلة مسرحيات طويلة ذكية، تُعالج القضايا الاجتماعية، بدأ من مسرحية "بيوت الأرامل" وفي "إيرلندا" مزج "جون ميلنج تون سينج" الواقعية بالشعر في مسرحيته "ركاب البحر" وتناول "جون أكويسي" قضايا نضال "إيرلندا" من أجل استقلالها عن إنجلترا في مسرحيته "جونو وألبيكوك" ومسرحيات أخرى.

أما الأثر الدائم الذي أحدثته الواقعية في المسرح: فقد جاء بتقديم مسرحية ما وراء الأفق لـ"يجوين أونيل" في عام 1920.

ورغم أن مصطلح الأدب الواقعي يعني ما قلناه آنفًا؛ فليس معنى ذلك أنه لم يكن هناك قط أدب واقعي قبل الفترة التي ازدهرت فيها الواقعية بالمعنى السابق، إذ هناك فرق بين الواقعية بهذا المفهوم المحدد، وبين الواقعية بالمعنى الواسع الذي لا يرتبط بفترة تاريخية ولا بظروف اجتماعية وسياسية معينة، والذي يقوم على ملاحظة الواقع وتسجيله، لا على صورة خيال وتهاويله؛ فيكون بذلك معرض للرومانسية أو الذي يستقي مادته من حياة عامة الشعب ومشاكله؛ فيكون بذلك معرضًا لما يسمى أدب البرج العاجي، أي أدب أرستقراطي الفكر والخيال الذي يناقش القضايا الميتافيزيقية أو الموضوعات التاريخية، المأخوذة من بطون الكتب لا من قلب الواقع، أو الذي يقوم على الموضوعية لا على مشاكل النفس الفردية -كما يوضح الدكتور محمد مندور في الفصل الذي خصصه للواقعية من كتابه (الأدب ومذاهبه).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015