حيث تظهر أعمال التقليدين الكلاسيكيين الحياة على أنها أكثر منطقية، وترتيبًا من ما هي في الواقع، أما أعمال العاطفيين الرومانسيين؛ فتظهر الحياة على أنها أكثر إثارة من الناحية العاطفية، وأكثر بعثًا على الشعور بالطمأنينة مما هي في الواقع الحياة أصلًا.
ويَبْذُل الواقعيين قصارى جهدهم؛ لكي يكونوا موضوعيين لأقصى درجة ممكنة، غيرَ أنّهم في محاولتهم انتقاء موضوعاتهم، وتقديمها لا يتمكنون من تجنب التأثير بما يشعر به أو يفكرون؛ ولذا فإن أعمق أنماط الواقعية لديهم يأتي نتيجة المراقبة والحكم الشخصي.
وبالنسبة للقصة الواقعية: فقد جاء الفن القصصي الواقعي ثورة على عاطفية المثالية الرومانسية؛ فشخصيات الفن القصصي الواقعي أكثر تعقيدًا من شخصيات القصص العاطفية الرومانسية، ومسرح الأحداث يتسع بالهدوء وعدم التركيز على الحبكة، وغموض الموضوعات، ويُعالج الفن القصصي الواقعي في معظمه حوادث عادية ممكنة الوقوع، كما أنه يَرْسُم شخصية قابلة للتصديق.
وتقدم معظم القصص الواقعية موضوعات متشائمة، لا تدعو إلى البهجة وقد تثير الاشمئزاز، وهذه سمة قاتمة تنطبق بشكل أساسي على الطبيعية، وهي حركة تطورت على الواقعية، ويعزى ازدياد منهج الواقعية باعتبارها أسلوبًا لا إلى كونها مجرد رد فعل على المعالم الجميلة في الفن القصصي العاطفي فقط، بل يعود أساسا لعاملين:
الأول: هو تطور العلم الحديث، بتأكيده على كتابة التقارير العلمية المفصلة.
أما العامل الثاني: فهو الرغبة الجامحة لدى الكتاب والقراء لفهم المشاكل الاجتماعية من منظور أكثر واقعية.