مريضًا؛ فعاداه طبيب إيطالي، وأوقع "جورج صن" في حبه وهجرته هو ليعود وحده إلى باريس كسير القلب، وفي خلال تلك المنحة أتته ربة الشعر فجرى بينهما الحوار الآتي:
الشاعر: لقد تبدد الألم الذي أضناني كما تتبدد الأحلام، حتى لتشبه ذكراه البعيدة، ما يبعث الفجر من ضباب خفاف يتطاير هذا الصباح.
ربة الشعر: ما بك إذًا يا شاعري؟ ما هذا الألم الخفي الذي أقصاك عني؛ حتى ما أزال أشقى به؟ ما هذا الألم الذي خفي عني وإن طالما أبكاني؟.
الشاعر: كان ألمًا مبتذلًا من منصب الجميع، ولكننا نحسب دائمًا بخبلنا الجدير بالرحمة، أن ما يتسرب إلى قلوبنا من ألم، لم يتسرب مثله إلى قلب أحد سوانا.
ربة الشعر: لا، ما في الألم من كدر، إلا ألم نفس مبتذلة، دع عزيزي هذا السر ينطلق من فؤادك، افتح لي نفسك، وتكلم واثقًا من أمانتك؛ فإنّ الصمت أخ للموت، ولكم شكا متألمٌ ألمه فتعزى عنه، ولكم نجا القول قائله من وخزات الضمير.
الشاعر: إذا كان لا بد من الكلام عن ألمي؛ فوالله لا أدري بأي اسم اسميه؟ أكان حبًّا أم جنونًا أم كبرياء أم محنة؟ وما أدري من سيفيد من سماعه وأنا بعد قاص عليكي نبأه، وقد خلونا إلى أنفسنا في جلستنا هذه إلى جوار الموقد، خذي قيثارتك وتعالي إلى جانبي، ثم أيقظي ذكرياتي بعذب نغماتك.
ولا شَكّ أنّ تِلْكَ المعاني الذاتية لا تلائم إلا الشعر الغنائي، حيث يجد فيه الشاعر المنطلق الرحيم؛ إلا أنّ الرومانسيين لم يقتصروا على الشعر الغنائي فحسب؛ وإنّما كانت لهم مشاركات في الأدب الموضوعي، وبخاصة الأدب التمثيلي.