وكان هناك في فرنسا عددٌ من الأدباء الناشئين الذين استجابوا لنداء هذه الأحداث، مُشكلين بذلك نقطة انطلاق الرومانسية، وقد وصف الشاعر "الرومانتيكي" الفرنسي الكبير "ألفريد ديموسيه" في كتابه (اعترافات فتى العصر) الحالة النفسية للأطفال الشبان، بعد هزيمة نابليون وإذلال فرنسا وفترة الضياع، تلك الحالة التي لم تعد مذهبًا أدبيًّا فقط، بل صارت فلسفة وسلوكًا في الحياة أيضًا.
واتخذت الرومانسية من الشعر وسيلة للتعبير عن الذات، وما يجتنبها من ألم وشقاء وتشاؤم، ولم تُقيد الرومانسية نفسها بأصول ومبادئ فنية، كما حدث في الكلاسيكية؛ إلّا أنها قد بلورت بطريقة تلقائية بعض الاتجاهات التي أصبحت فيما بعد من مميزاتها، من مثل مرض العصر وما يطلقونه على تلك الحالة النفسية الناتجة عن عجز الفرد عن التوفيق بين القدرة والأمل، وكذلك اللون المحلي، ويقصدون به محاربة الاتجاه الإنساني السائد في الكلاسيكية، ثم الخلق الشعري الذي على أساسه يقرر الرومانسيون أن الأدب ليس محاكاة للحياة والطبيعة كما تذهب الكلاسيكية، بل خلق وأن أداة الخلق هي الخيال المبتكر مع ذكريات الماضي، وأحداث الواقع الراهن وإرهاصات المستقبل.
وخليقٌ بمن يريد الإلمام باتجاهات الرومانسية ومميزاتها وسماتها، أن يَطّلع على روائع الرومانسيين، من أمثال آثار "فيكتور هيجو" و"ألفريد ديموسيه" و"لامارتين" و"ريس وريث" و"كلورين" و"بايرون" و"شل" و"كيت".
وهُناك قصيدةٌ للشاعر الفرنسي "ألفريد ديموسيه" أجمع النقاد على أنها من روائع الرومانسية، وهي بعنوان: "ليلة أكتوبر" وتجري على صورة حوار بينها وبين ربة الشعر حول تجربة حقيقية عاشاها الشاعر بكل أبعادها، في حبه للكاتبة الفرنسية "جون ريسان" التي سافر معها إلى مدينة البندقية بإيطاليا؛ حيث سقط