وكتبت "دستايل" عن ألمانيا كتابًا فريدًا أشادت فيه بالروح الألمانية، وعرفت فيه الفرنسيين بروائع الأدب الألماني الغارق في الرومانسية، وتعتبر "دستايل" من الرواد الأوائل لنشوء "الرومانتيكية"، وإذا تجاوزنا الأسباب المباشرة لحدوث الرومانسية؛ فإننا نجد كاتبين وفيلسوفين كبيرين أثرا في الحياة العقلية والأدبية الأوربية، وإن كان تأثيرًا بعيدًا عن محيط الرومانسية، لكنه على كل حال ساعدا على تمهيد أرض صلبة لنشوئها، هذان الفيلسوفان هما: "جان جاك روسو" و"فولتير".

أما "روسو" فقد دعا إلى العودة إلى الطبيعة والحياة الفطرية؛ إذ إن أطماع الإنسان قد تطورت بتطور المجتمع، وأحس أنه في مجتمع يفرض عليه تبادل المصالح مع الآخرين، ومن شأن هذا أن يكون في نفسه الأثرة وحب الذات، والامتلاك والحرص، ولقد كان الإنسان الفطري البدائي سعيدًا في حياته وفي معيشته، آمنًا في كوخه، لا يحمل لغيره من الناس إلا الخير والحب.

و"روسو" هو صاحب المبدأ التربوي المشهور: "علينا أن نترك الطفل يدرج وحده في الطبيعة ليكتسب خبراته بنفسه". وكتاب "إيميل" إنما هو شرح لهذا المبدأ، وأما "فولتير" فإنه نشر في أوربا كلها أدب "شكسبير" ونوه به، وهو أدب مُتحرر من النظام الإغريقي في بناء المسرحيات، رغم إن "شكسبير" عاش في عصر "الكلاسيكية" إلا أنه لم يلتزم بمبادئها وأصولها بل اعتمد على نفسه وخبرته في تكوين مسرحه.

وكان من حقيقة هذا النشر أن فطن الأدباء لأن في القرن السادس عشر -وهو عصر ازدهار الكلاسيكية- من حاول التفلت من قيود الآداب الإغريقية والرومانية، اكتفاء بعبقريته وأصالته الفنية، واجتهاداته الشخصية، وبالطبع لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015