وقد صادف هذا النوع من الموسيقى قبولًا عند كثير من شعرائنا الشباب، أذكر منه الشاعرة المبدعة الآنسة "نازك الملائكة", ويصلح ديوان "أساطير" ليكون معرضًا لبعض المؤثرات التي أغدت تفعل بتوجيه شعر "بدر" كما يقول "إحسان عباس" فقد كنا لمحنا في ديوانه الأول تأثره بـ"علي محمود طه" وإدراجه لقطعة من قصيدة إنجليزية في إحدى قصائده، ولكن ديوان "أساطير" يدل على اتساع في التأثير، وإن كان ما يزال تأثيرًا خارجيًّا نوعًا من الإشارة العابرة أو التضمين؛ فهو يعرف أن لين القصيدة عنوانها "الأرض الخراب": "فلتنبت الأرض الخراب على ثنى الليل الحزين صبارها".
ويُعَلِّقُ على لفظة "الأرض الخراب" في الحاشية بقوله: "وعنوان القصيدة للشاعر الإنجليزي " rage t s eliot"", وقد وضعنا خطًّا تحت كلمة الرجع؛ لأن "السياب" بعد سنوات سيعد "إليوت" أعظم شاعر حديث باللغة الإنجليزية، ولكنه يصفه بالرجعية هنا؛ نزولًا على ما تطلبه منه اتجاهه اليساري، ولا ريب في أنه قد قرأ شيء من "إليوت" إذ إن قوله في قصيدة "ملال": وأكيل بالأقداح ساعات, إنما هو الترجمة لقوله لـ"إليوت": " I have regourte out my life with coffe spoons " قدرت حياتي بملاعق القهوة.
وهذه ظاهرة حقيقة بالتنبه فإن "السياب" كان يستعير الصور المترجمة ويدرجها في شعره، فيخفى مكانها على القارئ في درج النغم، وهو قرأ قصيدة للشاعر الإنجليزي "بيتس" يستشرف فيها السفن ويتملكها الحنين إلى البحر، وما قول "السياب" في قصيدة "القرية الظلماء":
إني سأغفو بعد حين سوف أحلم في البحار
أتيك أضواء المرافق وهي تلمع من بعيد