ومع هذا فقد رد أحد المعلقين على هذا المقال بالموقع: بأن موضوع بدايات الشعر الحُر وريادتة موضوع مطول جدًّا، واجتهد باحثون كثيرون في رصد هذه الظاهرة أبرزهم "يوسف عز الدين" و"إحسان عباس" وعز الدين إسماعيل" وآخرون، وانتهى أكثرهم إلى جملة من الرواد "محمد فريد أبو حديد", "أحمد ذكي أبو شادي", "باكثير", "بشر فارس".
لكنّ أقدم نص في العصر الحديث ينتمي لهذا الشكل هو نص "رفيف الأقحوان" للشاعر "توفيق فياض" سنة 1892م, وهذا التعليق يبين لنا أن أساس المسألة هي نصوص تظهر بين الحين والحين من ركام الماضي؛ فكُلّما ظهر نص ينطبق عليه مفهوم الشعر الحُر، رجعنا ببدايات هذا الشعر إليه، إلى أن يظهر نص آخر يلغيه وهكذا، وإن لم يرد المعلق نص "توفيق فياض" مكتفيًا فقط بالإشارة إليه.
وعلى كل حال فمن المعروف أنه لا يتم أي تغيير أو تطوير دفعة واحدة، بل يبدأ قطرات صغيرة متباعدة، تسبق أهطال المطر وتدق السيول, وقد ذكر بعضهم على لسان أصحاب شعر التفعيلة: أن القصيدة التفعيلة أن القصيدة التفعيلية هي الإطار الملائم والمفضل لدى معظم الشعراء وما زالت، بما لها من فوائد تخدم الذائقة، ومنها الحرية التعبيرية التي يجتاح من خلالها تدفق الأفكار الشعرية دونما عائق من قافية أو وزن محدد التفاعيل، ثم الأريحة البصرية والنفسية، بسبب من كسر للروتين التوزيع البصري للقصيدة البيتية؛ مما حد من "سيماترية" العمود الكلاسيكي.
كما أن التفعيلة من موسيقاها تساعد كثيرًا على تمكين ألفاظ الشعر من تعدي عالم الوعي، والوصول إلى العالم الذي يتجاوز حدود الوعي، التي تقف دونها الألفاظ المنشورة.