تأتي في الفصل الروائي السابق عليه، ويساهم في تصاعد التوتر الدرامي والوصول بالعمل الفني إلى ذروته، أي: أن المناظر المسرحية ليست إضافة هامشية أو إعادة صياغة للفصول بصورة حوار مسرحي، بل تضيف إلى الأحداث وتغير الأماكن وتعكس نفسية الشخوص وتوضح أسباب الصراع الدرامي.
وبهذا تصبح الفصول الروائية والمناظر المسرحية ملتحمة بعضها مع بعض في نسيج متماسك، فلا يمكن استبعاد أحدها وإلا اختل العمل الفني برمته، وهذا الإحكام في التخطيط للعمل الفني من شأنه أن يبهر القارئ، و"أدهم" هو البطل الأول لبنك القلق، وهو شاب ترك كلية الحقوق، الذي جاهد أبوه الفقير ليلحقه بها كي يعمل في الصحافة، وعلى الرغم من إبداعه فهو يكره القيود، ومن ثم يكره الوظيفة، ويكره كل ما لا يجعله حرًّا مالكًا لإرادته.
وموهبته الصحفية لا تتجلي إلا في صياغة التحقيقات والمقالات لزملائه الصحفيين في مقابل مبلغ يحصل عليه من الباطن، وفي أثناء جولته الليلة في الشوارع وجد زميل دراسته "شعبان" بطريق المصادفة البحتة، ولم يكن الصديق أفضل حالًا، فهو رجل ينظر إلى المرأة بغرائزه، وهكذا تزوج الكثير من النساء وطلقهن وأصبح طريد النفقة، فأفلس ويأست مطلقاته من أن يحصلن على نفقاتهن منه، وصار العسر ملازمًا لحياته.
وهنا يعرض أدهم على شعبان فكرته المجنونة "بنك القلق"، إنه بنك عادي مثل أي بنك آخر، إن البنوك الأخرى تتعامل مع العملة النقدية فتقرض الآخرين بفائدة مرتفعة وتقترض من غيرها من البنوك بنسبة أقل، ومكسبها هو الفارق بين نسبتي الفائدتين أو رصيد الدائن ورصيد المدين، وهي نفس فكرة بنك القلق،