كرفاعة الطهطاوي، وأحمد فارس الشدياق، وروح الخالدي، وقسطاق الحمصي مثلًا.
بل إن هناك دراسات مقارنة شائقة قام بها بعد ذلك الدكتور جمال الدين الرمادي، وشفيق جبري على سبيل المثال لا تستند إلى أي اهتمام بتأثير أو تأثر.
وبغض النظر عن اختلاف مدارس المقارنة الأدبية في هذه النقطة؛ فإن التأثير والتأثر بين الآداب أمر لا محيص عنه، ولا يمكن نكرانه، إذ هو واقع يدركه كل من له معرفة بطبيعة أي أدب من آداب العالم وتاريخه، وكما أن الفرد منا أو الشعب من الشعوب لا يمكنه العيش وحده في هذه الدنيا، ولا القيام وحده بحاجاته بل لا بد له من التعاون مع غيره من الشعوب والأفراد؛ فكذلك الحال في ميدان الآداب، إذ لا يوجد أدب يستطيع أن يحيى وحده دون الأخذ من الآداب الأخرى وإعطائها، وإلا ركدت الحياة الأدبية وأسنت وفسدت، وانحط مستواها فنيًّا ومضمونيًّا على السواء.
وهذه سنة الحياة؛ فالحياة تقوم على الصراع من جانب، وعلى التعاون من جانب آخر، وعملية التأثر والتأثير قد تكون هي ذاتها لونًا من ألوان الصراع، أو لونًا من ألوان التعاون، أو مزيجًا من اللونين جميعًا بدرجات متفاوتة؛ حسب ظروف كل أدب، وحسب ظروف المرحلة التاريخية التي تتم فيها تلك العملية.
والشعوب والأمم التي على ظهر البسيطة، تنتمي كلها إلى جنس واحد هو الجنس البشري رغم اختلافها في أشياء كثيرة، ورغم أن الغلبة في معظم الأحيان تكون لتلك الأشياء الفارقة، على حساب ما هو مشترك بينها كما قلنا في موضع آخر من هذه الدراسات.