لقد تسائل قائلًا: ماذا نفهم من مصطلح أدب قومي؟ ما الحدود التي إذا تعديناها جاز لنا أن نتحدث عن أدب أجنبي، وعن تأثر به أو تأثير فيه؟ هل يقوم التحديد على أسس سياسية وتاريخية، أو على أسس لغوية خالصة؟ ليجيب بأنه: بعد ت أمل جاد، يُمكنُ القول إن الاحتمال الثاني أكثر قربًا، وأدق منهجية، وأسهل تطبيقًا؛ لأن الحدود اللغوية كانت على امتداد التاريخ أكثر ثباتًا، وأقل تقلبًا مدًّا وجزرًا من الحدود السياسية.
ثم ضرب مثالًا من ألمانيا التي كانت كيانًا سياسيًّا واحدًا إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، ثم قسمت إلى دولتين بعدها؛ لكنهما ظلتا مع هذا تتكلمان لغة واحدة، ومن ثم لا يُمكن أن نقارن بين أدبهما بمفهوم الأدب المقارن.
إلا أنه برغم ذلك لم يتوقف عند هذه النتيجة بل استمر يستعرض أوضاعًا أخرى تختلف عن وضع الألمانيتين، منها مثلًا: وضع الجزائريين الذين يكتبون أدبهم باللغة الفرنسية، رغم أنهم ليسوا فرنسيين. ومنها وضع الهنود الذين يكتبون أدبهم باللغة الإنجليزية رغم أنهم ليسوا إنجليزًا، ومنها وضع الأدباء الأمريكان فهم يكتبون أدبهم بالإنجليزية رغم أنهم ليسوا إنجليزا، وكذلك معظم أدباء أمريكا اللاتينية فهم يكتبون آدابهم باللغة الأسبانية، رغم أنهم ليسوا أسبانًا.
ومنها أيضًا وضع الأدباء الكنديين الذين يستخدمون اللغة الإنجليزية، وهي ليست اللغة الوحيدة التي يتحدثها أو يكتب بها الكنديون، بل تشركها في ذلك اللغة الفرنسية، ومثلهم الأدباء السويسريون الذين لا يكتبون أدبهم بلغة واحدة بل بلغات ثلاث هي: الفرنسية، والألمانية، والإيطالية ... وهكذا.
وهو يشير هنا إلى أن عددًا من الباحثين الأمريكان يرى: أن الأدب الأمريكي والأدب الإنجليزي ليسا أدب ًا واحدًا بل أدبين مختلفين؛ لأننا بصدد أمتين متباينتين