على أن يتم الأمر بتلقائية، أي: بطريقة تستلزمها الأحداث والصراعات التي في المسرحية، لا أن يؤتَى به مجتلبًا دون أن يكون هناك ما يدعو إليه.

ومن خلال الحوار تتضح شخصية المتكلم أول ما تتضح، كذلك ينبغي أن يكون الحوار مُحْكمًا لا ثرثرة فيه، إذ ليس الحوار مصطبة يجلس عليها المتكلم و"هات يا كلام!! " بل ينبغي أن يكون لكل كلمة وكل جملة دور في دفع حركة المسرحية إلى الأمام حتى تبلغ تمامها، أما الفضول فلا مكان له هنا، وعلاوة على هذا لا بد من إتاحة فرصة عادلة لكل الشخصيات في الحوار، وإلا أصيب الحوار بالترهل أو الشلل.

ثم هل ينبغي أن يتحدث المتحاورون في المسرحية بالفصحى أو بالعامية؟

فأما المسرحيات التاريخية والفكرية والمترجمة والمنظومة شعرًا، فهي عادةً ما تكون فصحوية الحوار، لكن المشكلة والخلاف في المسرحيات العصرية، ففريق يجري في حواره على الأسلوب الفصيح كمسرحية أحمد شوقي "الست هدى" ومسرحيات "باكثير" ومسرحيات "ونَّوس"، ومعظم مسرحيات الحكيم، وفريق يجري على الأسلوب العامي وبخاصة في المسرحيات الملهوية، وقد استعرضها "الدكتور مندور" في الفصل الذي خصصه للمسرح في كتابه (الأدب وفنونه) حجج الفريقين، ويبدو من كلامه أنه يميل نحو استعمال الفصحى؛ بُغيةً الارتقاء بمستوى الجمهور الثقافي واللغوي، بدلًا من تركه حيث هو بعيدًا عن ذلك الرقي اللغوي والثقافة الرفيعة التي ترتبط به.

وهو يستشهد في هذا المجال بما هو موجود في بريطانيا وفرنسا وغيرها من بلاد أوربا التي لا تختلف فيها لغة الكتابة عن لغة الحديث، كل ذلك باختلاف الحاصل في بلاد العرب، إذ لا يقدم المؤلفون المسرحيون هناك على الكتابة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015