الذي أحسب أنه أقوى من التفسير الذي يقول به المفسرون، وتأثر به مترجم الآية الذي قرأه جوته.
وكان من أثر قراءته له كتابة ما كتب؛ لقد ظهر جوته في أوائل القرن الثامن عشر الميلاد، وكان رجلًا نادرًا المثال لم ينحصر في نطاق، ولم يستأثر بأسلوب، ولم ينذر نفسه لمذهب، كان شاعرًا وعالمًا وفيلسوفًا، يناقض أيما مناقضة القول المأثور: "الشرق شرق والغرب غرب، وهيهات يلتقيان". كان مغرمًا بسفر أيوب في صباه، ورأى فيه المثال العربي الأصيل من ناحية الشهامة المروءة والنجدة والفروسية.
وعندما كبر اتصل بالأديب "هلدر" فأذكى فيه الغرام بالشرق، وتأثرت له بعض ترجمات القرآن، فتأثر بالقرآن أبلغ تأثير، وحفظ منه ما تيسر، واقتبس آياتٍ كثيرة، وظهرت في شعره الأخير الذي أسماه "الديوان الشرقي للمؤلف الغربي" كقوله مثلًا: "قل لله المشرق ولله المغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وفي راحتيه الشمال والجنوب معًا، وهو الحق وما يشاء بعباده الحق سبحانه له الأسماء الحسنى، وتبارك اسمه الحق وتعالى علوًّا كبيرًا آمين.
وقوله أيضًا: "وينازعني وسواس الغي وأنت المغيث، المعيذ من شر الوسواس الخناس، اللهم اهدني في الأعمال والنيات إلى الصراط المستقيم". وقوله: "وللناس في ترديد أنفاسهم آيتان من الشهيق والزفير، هذا يُفعم الصدر، وهذا يفرج عنه. كذلك الحياة عجيبة التركيب؛ فاشكر ربك إذا بليت، واشكر ربك إذا عُفيت، ويعمد جوته إلى التضمين الصريح، ومن ذلك تضمين الآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (البقرة: 26).