أم لا؟. كما أننا نقرأ في سورة غافر قوله تعالى على لسان فرعون غيظًا من موسى واطمئنانه إلى نصر ربه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} (غافر: 36، 37).
فـ"أسباب السموات" وهي مثل "سبب إلى السماء" بالضبط لا تعني الحبال، بل السُّبل التي توصل إلى السماء للاطلاع إلى إله موسى، وعلى هذا فمعنى آية "الحج" هو أن من كان يشُكّ في نصرة الله لرسوله؛ فليحاول إن كان يستطيع ولن يستطيع، أن يثبت صحة ما يقوله، من أن الله لا ينصر نبيه؛ حتى يرتاح ويزيل عن نفسه مشاعر الغيظ والحقد.
ثم هل كان الانتحار عن طريق حبل معلق في سقف البيت، من الأمور المعروفة عند العرب، وأيضًا فمد السبب إلى السماء، غير تعليق السبب في السقف؛ فهذا ينزل من فوق إلى تحت، وذاك يصعد من تحت لفوق، ثم كيف يمكن للمنتحر بعد أن يكون قد مات أن ينظر ليرى هل يذهبن كيده ما يغيظ، أي ما يكن؛ فأوجه من هذا التفسير القول بأن المقصود هو: "من كان يستطيع أن يتبين أنّ الله لن ينصر نبيه؛ فليثبت ذلك عن طريق الاطلاع على ما في السماء، وهذا أمر بطبيعة الحال مستحيل تمامًا".
ويقول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (الأنعام: 35) فهذه الآية كما نرى تسير في نفس اتجاه آيتي "الحج" و"غافر"، وهو ما يعضد ما طرحته من تفسير الآية الكريمة؛ هذا التفسير