الموشحة في وزنين، والغالب أن يتفق القفل والغصن في الإيقاع العام، وقد يختارُ الوَشّاحُ وزنًا مباشرًا أوزان القصيد فينسج عليه موشحته مثل:
أيها الساقي إليك المشتكى ... قد دعوناك وإن لم تسمع
وهذا ما يسميه "ابن سناء الملك" الموشح الشعري، أو يستخرج وزنًا جديدًا ينظم عليه موشحته، وقد حاولَ المُستشرقُ الأسباني خُليان ريبيرا، وتبعه على ذلك بعض المستشرقين، مثل: جوميس وبلال، وكذلك بعض المؤلفين العرب، مثل: الدكتور عبد العزيز الأهواني، والدكتور مصطفى عوض الكريم، وبطرس البستاني، أن يفسر سببًا بظهور الموشحات في الأندلس، فأرجع أن أهل تلك البلاد كانوا في حياتهم اليومية، يتكلمون العامية الأعجمية؛ في الوقت الذي كان يخصصون العربية الفصحى للأمور الرسمية.
ومن ثم نشأ بينهم طراز شعرية جديد يقوم بين المزاوجة بين العربية الفصحى، والعامية الأعجمية، وهو الشكل الذي أثار استياء العلماء المحافظين، فكان من جراء ذلك أن نهض الناس جميعًا -حسب عبارته- يتناقلونه سرًّا، فيما بينهم، وذاع أمره داخل البيوت، وفي أوساط العوام، وما زال يعظم؛ حتى أصبح يومًا من الأيام لونًا من الأدب.
وهذه نظرية خاطئة إذ تفترض أنّ أهل الأندلس كانوا يتحدثون بالعامية الأعجمية، وهو ما لم يحدث، ولا قال به أحد، وكيف يمكن أن يقوله أي أحد، بل كيف يمكن أن يخْطُر شَيءٌ من هذا بِبَاله، ولم يحدث يومًا أن اتخذ العرب لغة أهل البلاد التي فتحوها؛ لقد كان العرب أعَزّ من ذلك بآماد لا تتصور.
ثم كيف يكون الناس جميعًا يتناقلون هذا الشكل الشعري سرًّا فيما بينهم؟! إنّ السر معناه أن ينفرد به بعض الناس دون بعض، أما أن يكون سرًّا بين الناس جميعًا، فلا أدري كيف يكون؟!