تعودُ أقدم مخطوطة وصلت إلينا من "ألف ليلة وليلة"، إلى القرن الحادي عشر الهجري، وقد كُتبت بِلُغة أقرب للعامية، ومَسجُوعَة أحيانًا، وتتجه بخطابها القصصي إلى الإنسان العادي، ولم تتقيد بقواعد النحو العربي، ولم يعرف لها مؤلف، ولذلك عُدّت أدبًا شعبيًّا.
تُصور "ألف ليلة وليلة" حياة الحكام والتجار، وحياة الفقراء والكادحين، وتشع فيها أجواء العجائب، وعوالم الغرائب، ويشكل انتصار الخير على الشر محورًا أساسيًّا في هذه الحكايات التي تكتظ بأجواء السحر، وعوالم الجن.
ففي حكاية "مصباح علاء الدين" يتحول الشاب المتواضع علاء الدين، بمساعدة الجني، إلى ثري يتغلب على الوزير الشرير، ويتزوج من ابنة السلطان، ويتكرر في هذه القصص تحول البشر بفضل السحر إلى حيوانات مختلفة، وتكثر فيها قصص المغامرات المثيرة؛ مثل رحلات السندباد، وما شاهده من عجائب المخلوقات، مثل: طائر الرخ، والسمكة التي التبس أمرها على الملاحين، فرسوا عليها ظنًّا منهم أنها جزيرة في البحر.
والملاحظ أن الكلام عن هذا الكتاب في التراث العربي شحيح غاية الشحة، حتى إننا لا نجد حديثًا عنه تقريبًا إلا في كتابين اثنين هما: (مروج الذهب) للمسعودي، و (الفهرست) لابن النديم، والنّصان قصيران نسبيًّا، وإن كان نَص المسعودي أقصر كثيرًا من نص ابن النديم، ولا يشفي غليلًا.
فأما في (مروج الذهب) فيقول المسعودي: إنه قد ذكر كثير من الناس، أنّ هَذه أخبار موضوعة من خرافات مصنوعة، نظمها من تقرب للملوك بروايتها، وصال على أهل عصره بحفظها والمذاكرة بها، وأنّ سَبِيلَها الكُتب المنقولة إلينا، والمُترجمة لنا من الفارسية والهندية والرومية، وسبيلُ تأليفها مما ذكرنا مثل كتاب