لكن المسألة ليست مسألة عواطف ورغبات، لذا لا بد -في رأيه- من التروي قبل إطلاق الأحكام، وإضافة إلى ذلك ثمة اعتقاد متداول بين بعض الباحثين، مؤداه أن "ديفو" قد اعتمد على روايته على حادثة حقيقية معروفة، وقعت لبحار إسكتلندي يدعى "ألكسندر سركيك" وهو ما يعني أن تأثر "ديفو" بالرواية العربية ضعيف جدًّا.

وبِخُصوص اتهام "ديفو" بالسطو على ما كتبه "سلكيرك" البحار الإسكتلندي الذي وقع له مثل ما وقع لبطل "ديفود" ثم مقال كتبه الدكتور نجم عبد الكريم بعنوان "روبنسون كروزو سرقة أدبية في سياق المغامرة" نشرته صحيفة الشرق الأوسط العربية اللندنية، بتاريخ الإثنين الحادي عشر من أكتوبر عام ألفين وأربعة، جاء فيه: "ينسب الكثير من النقاد العرب أن رائعة الكاتب الإنجليزي "دانيال ديفو" مغامرة "روبنسون كروزو" إنما هي مأخوذة من تراثٍ عربي، واعتبروها عبارة عن سطوٍ أدبي على قصة ابن طفيل حي بن يقظان، وهناك من يقارن بين أحداثها وبين رحلات السندباد، وفيهم من نسب مغامرات "روبنسون كروزو" إلى تأثرها ببعض الرحالة من العرب.

ومما لا شك فيه أن الأعمال الأدبية العظيمة لا تنبع من فراغ، ولا يلزم أن يخوض الكاتب تجربة أبطال روايته أو مسرحيته؛ فهناك دائمًا مؤثرات خارجية تدفع بالعمل الإبداعية إلى البروز؛ وفقًا لمدى قدرات وإبداعات ذلك الكاتب في تصويرها، لكن السيدة "سيلكيرك" التي التقيتها مصادفة في مناسبة اجتماعية بمدينة "مارلو" الإنجليزية تزعم بعكس ذلك تمامًا، فهي ترى أن "دانيال ديفو" مؤلف رواية مغامرات "روبنسون كروزو" ما هو إلا كاتب أفاق، وسارق لأفكار غيره وكان جزاؤه أن مات فقيرًا عندما دفن في مقابر الفقراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015