إلا أن مما يلفت النظر في الرواية "الشطارية" هو ضآلة صور "المورو" على الرغم من أن الظاهرة الموريسكية لم تكن قد تلاشت نهائيًّا خلال تلك الفترة، ويتعلق الأمر على الخصوص بالروايتين النموذجيتين "لافاريو" وتاريخ حياة "البسكو" وتعتبر رواية "لاثاريو دوترموس" نموذجًا "شطاريًّا" في إدانة المسلم، وتصوير وضعيته الرديئة حتى لدى الأوساط الدنيا لكي يعلم الناس أن "المورو" لا يؤدب إلا بعقابه، وتوبيخه، وصده عن غيه.
ولكن السؤال الذي ينبغي طرحه كما يطرحه الأدب المقارن، هو: هل تأثرت الرواية "البيكاريسكية" الإسبانية بأدب المقامات؟
للإجابة عن هذا السؤال، انقسم الباحثون إلى قسمين: فريق ينكر هذا التأثير، وفريق آخر يؤكده ويثبته. ومن بين المثبتين هذا التأثير نذكر الدكاترة: محمد غنيمي هلال، وسهير القلماوي، وأحمد طه بدر، وعبد المنعم محمد جاسم، وعلي الراعي الذي يرى أن أثر المقامات الذي يعترف به الدارسون وعرب وغربيون، ربما كان أقوى أثر مفرط تركه العرب في الأدب الغربي.
فعن طريق محتال المقامة قام الأدب الاحتيالي في إسبانيا، وامتد من ثم إلى فرنسا وألمانيا وإنجلترا؛ ليكون الأساس لصرح الرواية الواقعية التي أسهمت في خلقها أقلام كتاب مرموقين، من أمثال: "ديفو" و"فيلدنج" و"ديكنز" في إنجلترا و"لوساج" و"بلزاك" و"فلوبير" في فرنسا، بل لا تزال هذه الرواية الواقعية الاحتيالية موجودة بيننا في عملين محددين أولهما: (فيلكس ترول) لـ"توماس مان" الألماني، والثاني (مغامرات أوجيه مارش) للكاتب الأميريكي "سول بريو".
ولقد انتقل نموذج بطل المقامات العربية القديمة في العصور الوسطى العصر العباسي، إلى الآداب الأوربية؛ يقول غنيمي هلال: "فأثر فيها بخلق نموذج أدبيّ