الجنسية، وتمردهم على الأعراف والتقاليد والقيم الخلقية والدينية، وإلا كانوا متخلفين عن العصر، وهم في هذا إنما يمشون على خطى الغربيين كحذوك النعل بالنعل.

وإذا ما وجه أحد إليهم نقدًا على أساس أن هذا يناقد الخلق والدين، كان جوابهم: أنه لا دخل للدين ولا للأخلاق في الإبداعات الأدبية، والواقع أنهم يقولون هذا لا لأن الأدب لا ينبغي أن يخضع لشيء من خارجه كما يزعمون، بل لأنهم يتبنون قيمًا غير القيم التي نتمسك نحن بها، إنها قيم الانحلال، والسعار الجنسي.

وما من أدب في الدنيا إلا وهو يعكس ثقافة صاحبه، وفكره وقيمه الخلقية والدينية أو الإلحادية لا مشاحة في هذا، ولا مناص منه، فالأديب لا يأتي بمضامين كتاباته من الهواء بل من داخل نفسه التي بين جنبيه، فهي مستودع العقائد، والنزعات، والتوجهات الخلقية والفكرية.

ونحن مع المرحوم أنور الجندي أيضًا في استنكاره الشديد للمحاولات التي يبذلها بعض الكتاب لإحلال العامية محل الفصحى في كتابة الحوار القصصي والمسرحي، وإن زاد بعضهم في الطنبور نغمة، فنادوا بأن تشغل العامية موضع الفصحى في كل مجالات الكتابة، إن هؤلاء إنما يتغيون ما يتغياه أولئك المستشرقون الذين كانوا ينادون بنبذ الفصحى، واصطناع العامية بدلا منها كي نتقدم، ونساير العصر وترتقي العلوم في بلاد العرب.

مع أن العامية في كل مكان هي مجرد لهجة للاستعمال اليومي ليس غير، فهي من ثم فقيرة فقرًا شنيعًا بحيث لا تستطيع أن تؤدي شيئًا من العلوم والآداب التي نعرفها، اللهم إلا الأزجال، ومعروف أن هذه الدعوة إنما تقصد ضرب الوحدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015